رغم مرور أسبوع على تحطم طائرة مصر للطيران في مياه البحر المتوسط، فإنه لم تتبن أي مجموعة إرهابية المسؤولية عن الحادث، وهو ما يدفع خبراء في الإرهاب للحديث عن فرضيات عديدة، في ظل ترجيح جهات حكومية وخبراء في مصر ودول غربية فرضية الفعل الإرهابي.
الفرضية الأولى
إن عدم تبني أي جهة حادث تحطم الطائرة المصرية يعني أنه لا يمكن تحميل المسؤولية لأي طرف، لا سيما أن المجموعات الإرهابية المعروفة عالميا، مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، تسارع عادة لإعلان مسؤوليتها عن حوادث التفجير، وعندما تتأنى تسارع منظمات مجهولة لاستغلال الحادث وإعلان مسؤوليتها عنه، ولو لم تكن لها صلة به.
ويرجح كلينت واتس المسؤول التنفيذي السابق لمركز وست بوينت لمحاربة الإرهاب فرضية أن الحادث ليس إرهابيا، مستندا إلى عدم تبني أي جماعة له، وأيضا استنادا إلى حقائق مادية للرحلة رقم 804 التي ربطت بين مطاري باريس والقاهرة؛ فالأول يخضع لإجراءات أمنية مشددة، في حين لو كانت الطائرة انطلقت من المطار الثاني لأثار الأمر الكثير من علامات القلق.
كما أن غياب أي شبهات أمنية بشأن ركاب الطائرة -وأغلبهم مصريون وفرنسيون- مؤشر لا يعزز فرضية وجود انتحاري فجّر نفسه في الأجواء، ويعترف واتس بحدوث استثناء يخالف استنتاجه، وهو حادثة إخفاء الشاب الأميركي فاروق عبد المطلب قنبلة بملابس داخلية وركوبه طائرة أميركية في فترة أعياد الميلاد عام 2009.
ولكن حتى هذا الاستثناء مختلف عن حادث الطائرة المصرية، فالشاب الأميركي قال إنه كان ينتظر وصول الطائرة التراب الأميركي ليفجرها، في حين أن الطائرة المصرية سقطت وهي في المياه الدولية.
الفرضية الثانية
تذهب الفرضية الثانية إلى أن الأمر يتعلق بقنبلة هربت إلى داخل الطائرة المصرية بطريقة يريد الإرهابيون أن تظل سرية، وهو ما يقول به مركز ستراتفور المتخصص في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، ويرى المركز أن هذه الفرضية كارثية بامتياز، لكنها لا تتيح تفسيرا لما جرى.
ولهذه الفرضية سوابق، ففي ديسمبر/كانون الأول 1994 دسّ رمزي يوسف، وهو العقل المدبر لتفجير مركز التجارة العالمي بأميركا، قنبلة موقوتة محلية الصنع في سترة النجاة تحت مقعده على متن طائرة تابعة للخطوط الفلبينية ثم غادر الطائرة، وعندما انفجرت القنبلة أثناء رحلة الطائرة لم يعلن مسؤوليته عن الحادث أثناء التحقيق معه.
وكان ما فعل رمزي مجرد تجربة لمخطط أكبر يقضي بوضع متفجرات بالطريقة نفسها لإسقاط عشر طائرات أميركية تعبر المحيط الهادي، لكن المخطط اكتشف عندما شبت النار في شقة شخص يصنع القنابل في العاصمة الفلبينية مانيلا.
وتقول مؤسسة ستراتفور الأميركية إنه من المحتمل أننا أمام شخص محترف في مجال صنع القنابل، ولديه معرفة بكيفية تهريب قنبلة إلى داخل طائرة دون أن تكتشف السلطات هذه الطريقة.
الفرضية الثالثة
يرى جوناثان سكانزير الخبير السابق في الإرهاب لدى وزارة الخزانة الأميركية أن عدم تبني تنظيم الدولة أو القاعدة حادث سقوط الطائرة المصرية يدفع باتجاه التفكير في احتمال وقوف مجموعة جديدة أو مجموعة منشقة عن مجموعة قائمة وراء الحادث.
ويضيف سكانزير أنه من الممكن أن تكون منظمة مصرية هي من أسقطت طائرة مصر للطيران، مستحضرا في هذا السياق حادث إسقاط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو حادث تبناه فرع تنظيم الدولة في سيناء، الذي قال إنه أسقط الطائرة انتقاما للدعم العسكري الذي تقدمه موسكو لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ووفق الخبير السابق، فإن مبرر استهداف تنظيم جديد لشركة مصر للطيران شبه الحكومية هو توجيه ضربة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شن حملة قمع ضد جماعة الإخوان المسلمين عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وتصنيف الجماعة تنظيما إرهابيا.
ويقول سكانزير إن التاريخ قد يعيد نفسه، إذ إن قمع السلطات المصرية للإسلاميين في تسعينيات القرن الماضي أدى إلى بروز الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد الإسلامي، وهذه الأخيرة اندمجت في وقت لاحق مع تنظيم القاعدة.
الفرضية الرابعة
هناك فرضية أخيرة تتحدث عن وضع قنبلة داخل الطائرة المصرية من قبل أفراد تحركهم دوافع إيديولوجية راديكالية، ولكنهم ليسوا أعضاء في مجموعة منظمة، ولكن هذا الأمر لا يفسر السبب وراء عدم تبني أي أفراد أو جهة المسؤولية عن الحادث.
وحسب سكانزير فإنه من غير المعتاد أن يقوم شخص بحملة عسكرية دون أن يشرح السبب الذي دفعه إلى ذلك، وعلى غرار خبراء آخرين لا يدعي الخبير السابق بمؤسسة ستراتفور أنه يملك إجابات تفسر حادث الطائرة المصرية المنكوبة، ويقول "إنه حادث غريب جدا، كل يوم يمر يولد المزيد من الأفكار المخيفة".