نفت رئاسة الدولة في جنوب أفريقيا تقارير وردت على موقع التواصل الإجتماعي (تويتر) ومفادها أن الزعيم الجنوب أفريقي الكبير نيلسون مانديلا يرقد مريضا في أحد المستشفيات.

واضطرت صحيفة "ذا تايمز" ، وهي إحدى كبريات الصحف في جنوب أفريقيا، إلى نشر اعتذار بعد أن أرسلت رسالة لنحو 30 ألفا من قرائها على موقع تويتر تقول فيها إنها تتابع خبر دخول مانديلا المستشفى.

وكانت الصحيفة قد استمدت الخبر من حساب على موقع تويتر يبدو أنه مملوك لمحطة "دي جي" الإذاعية في جنوب افريقيا.

ويقول الخبراء إن القضية تعكس خطر الصحفيين الذين ينشرون الأخبار من تويتر دون التحقق من صدقيتها.

وكانت الرسالة القصيرة (التغريدة) التي نشرتها صحيفة التايمز على تويتر تقول إن " الرئيس السابق نيلسون مانديلا دخل المستشفى وفقا لما ذكرته الأخبار".

وسرعان ما انتشرت تلك الرسالة بمعرفة أعضاء آخرين في شبكة تويتر، ولكن واحدا منهم كتب قائلا "كيف لكم أن تنشروا أن مانديلا في المستشفى استنادا إلى اخبار غير مؤكدة، تلك هي اللامسؤولية بعينها".

وردت الصحيفة برسالة قصيرة أخرى قالت فيها "لقد تلقى أحد مندوبينا مكالمة بهذا الخصوص، ونحن عاكفون على التحقق من الخبر".

وعقب وقت قصير نشرت الصحيفة نفيا صريحا واعتذارا قالت فيه "مانديلا ليس في المستشفى، ونحن نعتذر لإننا تابعنا خبرا غير صحيح، ونود أن نؤكد أن الرئيس السابق بصحة طيبة وهو الآن يستجم في بلدة كونو".

وبعد اتصال من بي بي سي عمدت الصحيفة إلى محو تغريدتها الأصلية من موقع تويتر.

ويبدو أن الصحيفة أمسكت بخيط تلك القصة من خبر منشور على حساب في تويتر كانت تعتقد أنه مملوك للمذيع الشهير بوب مابينا الذي يعمل في محطة "كايا إف إم" الإذاعية.

وكان مابينا قد كتب في حسابه تغريدة قال فيها "نبأ عاجل.. نيلسون مانديلا في المستشفى".

ولكنه سرعان ما صحح الخبر قائلا "يالها من غلطة ساذجة، وكان علينا أن نتأكد، نرجوكم قبول اعتذارنا، لقد تعلمنا درسا انخلعت له قلوبنا".

وبعد أن اتصل مئات الصحفيين بمكتب الرئيس زوما للتأكد من صحة الخبر، اصدر مكتبه بيانيا قال فيه إن "الرئاسة تلقت مكالمات من وسائل الإعلام تتساءل عن صحة مانديلا، ويبدو أن برنامجا عن استعراض أهم أحداث العام نشرته إحدى المؤسسات الإعلامية قد أسهم لسوء الحظ في انتشار شائعة عن تدهور صحته، وهو أمر غير صحيح".

شائعات مميتة

والواقع أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تنتشر فيها شائعة على الإنترنت تتعلق بصحة رئيس جنوب افريقيا السابق.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي انتشرت شائعة على موقع تويتر كتب فيها صاحبها "رثاء مانديلا"، وانتشرت تلك الشائعة كالنار في الهشيم في كافة أنحاء العالم.

ليدى غاغا.. نشرت صورا حديثة لتؤكد أنها على قيد الحياة

وإلى جانب مانديلا تعرض المغنية الشهيرة ليدي غاغا والنجمين ليل واين وجون بون جوفي كلهم كانوا موضوعات لشائعات كاذبة عن وفاتهم، واضطر جوفي على سبيل المثال إلى وضع صور جديدة على موقعه في تويتر كي يثبت أنه ما زال على قيد الحياة.

وكانت المؤسسات الصحفية من أوائل من سقطوا ضحية لهذا النوع من الشائعات. وعلى سبيل المثال كانت هناك تغريدة على موقع مؤسسة "فوكس نيوز" تزعم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد اغتيل يوم عيد الإستقلال الأمريكي في الرابع كن يوليو/تموز. وقالت فوكس نيوز إن الشائعة نشرت بعد أن نجح قرصان في اختراق حسابها على موقع تويتر.

وفي العام الماضي اضطرت محطة سي إن إن الإخبارية التلفزيونية إلى نفي وفاة الممثل الكبير مورغان فريمان بعد أن نجح قرصان في استحداث صفحة مزورة على موقع تويتر شبيهة بصفحة سي إن إن، ولكنها حاملة لفيروس إلكتروني يجعلها تنشر اوتوماتيكيا خبرا يقول "نبأ عاجل: وفاة الممثل مورغان فريمان في بيته ببلدة بوربانك".

أهمية التحقق

ولكن يبدو أن العيب في شيوع نبأ كاذب على موقع تويتر لا يرجع للموقع نفسه وإنما للطريقة التي يستخدم بها.

ويقول تيم لوكهيرست استاذ الصحافة في جامعة كنت إن الموقع نفسه يطالب مستخدميه بالتفرقة بين "الصحافة المحترفة" و"صحافة المواطنين".

فالصحافة المحترفة تأتي من مندوب صحفي يتوخى الدقة والتحقق من صحة ما ينشره من أخبار ولا ينشر إلا ما يعرف أنه الحقيقة.

وعلى الجانب الآخر هناك صحافة المواطنين وهي الاخبار التي يعتقد القراء والمستخدمون أنها صحيحة بناء على ما سمعوه من آخرين ودون الحد الأدنى من معايير التحقق من الصدقية.

ولا ينفى هذا أن الصحفيين يجدون انفسهم ميالين لا ستخدام مواقع التواصل الإجتماعي في نشر الاخبار العاجلة نظرا لاتساع رقعة مستخدمها وسهولة وسرعة النشر من خلالها.

ولكن يتعين على الصحفيين أن يضعوا في اعتبارهم دائما أن الدقة لا تقل أهمية بحال من الأحوال، إن لم تزد في الاهمية، عن السرعة أو السبق الصحفي.

فالواقع أن الناس يلجأون لصحافة المحترفين للحصول على الأخبار لإنهم يعتقدون أن المحترفين دائما ما يتأكدون من أن ما ينشرونه صحيح ودقيق.