جاء الخوف من التحدث أمام جمع من الناس في مرتبة متقدمة على الخوف من الموت في استطلاع للرأي أجري مؤخرا. وقال 41 في المئة من المشاركين فيه إن التحدث في اللقاءات العامة هو أكثر شيء يخشونه في حياتهم.

وفي حين يظهر هذا الاستطلاع أن التحدث أمام جمع من الناس كان في ذلك الوقت يشغل أذهانهم أكثر من فكرة الموت البعيد عن الأذهان، فهذا يعني بالفعل أن الناس يشعرون بالقلق من التحدث أمام جمهور.

تقول جينيت نيلسون، رئيسة فريق الغناء بالمسرح القومي في بريطانيا، ومؤلفة "كتاب التدريبات الصوتية"، إن الأشخاص الذين يعملون معها يخشون من الارتجال، وكثير منهم "يخاف بالفعل" من العمل معها.

وتضيف نيلسون: "إن صوتك يعبر بالتأكيد عن شخصيتك، فهو يحمل تاريخك بقدر ما يحمل كل شيء آخر عنك."

وبغض النظر عما إذا كان الناس مترددين في خوض تجربة الحديث أمام جمع من الناس، فقد أصبحت تلك المهارة مطلوبة بشكل متزايد في العديد من الوظائف، سواء كان ذلك من خلال تقديم عرض توضيحي لنتائج مشروع معين، أو ضرورة التحدث بصوت مرتفع في اجتماع يضم عددا كبيرا من الناس، أو تقديم محاضرة في مجال تتميز فيه.

أما بالنسبة للموظفين الذين يشغلون مناصب إدارية عليا، مثل المديرين التنفيذيين، فقد أصبحت مهارة إلقاء كلمة أمام جمهور في اللقاءات العامة أمرا ضروريا، وفي الغالب يكون هناك عدد ضئيل من البرامج التدريبية الرسمية في هذا المجال.

ويقول ستيف تابين، مدرب المديرين التنفيذيين، والذي يعمل مع العديد من كبار المديرين التنفيذيين حول العالم، إنه من المهم بالنسبة لهؤلاء أن يستثمروا الوقت والجهد في تطوير وتحسين مهاراتهم المتعلقة بالحديث أمام جمهور.

ويضيف تابين: "يعرف الحكماء من المديرين التنفيذيين أن التدريب الجيد لا يمكنهم فقط من أن يصبحوا متحدثين أكثرة ثقة في أنفسهم، وإنما يجعلهم أيضا من أصحاب الشخصيات الجديرة بالثقة. وهذا يعني لهم الكثير في عصر أصبح فيه بناء الثقة أكثر أهمية من أي وقت مضى على الإطلاق."

وهذا بالفعل ما قام به أندرو بن، الذي أصبح مديرا تنفيذيا لعملاق الاتصالات باستراليا "تليسترا" في شهر مايو/آيار الماضي.

ورغم أنه ترك الدراسة في المرحلة الثانوية، ولم يلتحق بالجامعة، إلا أنه واصل دراسته الحرة بعد انتهاء ساعات العمل اليومي.

وهو لا يزال حاليا يؤكد على أهمية تجربة تطوير الذات التي خاضها، وعلى مهارات الاتصالات التي كان يتمتع بها.
فخلال أول 12 سنة في حياته المهنية، كان يقضي وقت المساء وعطلة نهاية الأسبوع في الدراسة الحرة، ونجح في الحصول على شهادة الثانوية العامة، ثم حصل على دبلومة في مجال الأعمال، وعلى تدريب كمحاسب، ثم بدأ الدراسة للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال.

ويقول بن: "التواصل هو على الأرجح أهم مهارة على الإطلاق بالنسبة للمدير التنفيذي في العالم الحديث". ويعتقد بن أن كل رؤساء العمل ينبغي عليهم أن يخصصوا الوقت الكافي لتحسين مهاراتهم.

"كن نفسك"

ويضيف بن: "من الأمور التي عليك أن تحاول أن تنجزها كمدير تنفيذي أن توفر الدعم للعديد ممن حولك في مكان العمل فيما يتعلق برؤيتك للشركة، وما تسعى لتحقيقه، وكذلك الدعم اللازم للشركاء والمساهمين في الشركة حتى تتمكن من أن تصحبهم معك في نفس الرحلة".

ويتابع: "فإذا كنت لا تستطيع أن تتواصل مع هؤلاء جميعا كمدير تنفيذي بلغة بسيطة جدا، لتوصيل رؤيتك إليهم، وكذلك استراتيجيتك، وما تسعى لتحقيقه، فسيكون من الصعب حينها أن تحصل أنت أيضا على ذلك الدعم".

لكن في الوقت نفسه، يؤكد السير ريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة "فيرجين غروب"، والذي يتحدث مرارا وتكرارا أمام حشود كبيرة من الجماهير، على أهمية ألا تصبح رسميا أكثر من اللازم.

ويقول في هذا الصدد: "الناس يريدون أشخاصا حقيقيين، ولا يريدون فقط أشخاصا لبقين جدا في الحديث ممن تدربوا جيدا على الحديث في اللقاءات العامة أمام الجمهور".

وإذا كان أبناؤه سيواجهون موقفا يتحدثون فيه أمام جمع من الناس، فإنه كان ينصحهم دائما بقوله "كن نفسك"، وبالتحدث تماما بنفس الطريقة أمام الجمهور كما لو كانوا يجلسون في غرفة المعيشة، ويتبادلون أطراف الحديث من أحد الأصدقاء.

وكما تقول نيلسون، فإن الأمر يتعلق أيضا بشعورك بأريحية مع نفسك حتى تستطيع أن تشعر بأريحية كذلك عند حديثك في اللقاءات العامة، وذلك سوف يظهر عندما تقف على منصة ما، وتجد سهولة في استدعاء أفكارك، بل والقدرة على طرح أفكار أصلية.

لكن في نهاية المطاف، يتعلق الأمر أيضا بالمقولة الشهيرة في اللغة الإنجليزية والتي تفيد بأن التدريب يجعل المرء ممتازا.

وتضيف نيلسون: "الناس يريدون عصا سحرية، ويريدون أن يحصلوا على الشيء بمجرد قولهم 'سأفعل ذلك الشيء'".

لكنها تقول أيضا: "عليك أن تتدرب على الجوانب التقنية المتعلقة بصوتك، وأن تتدرب على معرفة حركات جسدك، وأن تتدرب على مهارات التواصل أيضا."

ومن النصائح الأخرى التي تقدمها ويلسون في هذا الإطار، ما يلي:

كن واعيا بحركات جسدك، وبالطريقة التي تقف بها أمام الجمهور، وبالطريقة التي تحرك بها رأسك، والمكان الذي تضع فيه يديك، وهي أمور تظهر للجمهور مدى شعورك بالراحة والاطمئنان.

ولكي تضمن أنك في حالة استرخاء وطمأنينة، يمكنك أن تتبع ذلك التمرين البدني البسيط، والذي يتلخص في أن ترفع كتفيك نحو أذنيك ثم ترخيهما عدة مرات.

ولكي تتجنب الخطاء الشائع المتمثل في أنك تبدأ الحديث بصوت مرتفع جدا ثم يتراجع صوتك تدريجيا ليصبح مسموعا بالكاد أو غير مسموع للبعض، يمكنك أن تنظم نفسك بطريقة جيدة، حتى تضمن أن جميع من في القاعة يسمعونك جيدا، وليس فقط من يجلسون في الصف الأول.

ويمكنك أيضا أن تسجل صوتك وأنت تتحدث، ويمكنك كذلك أن تتحدث أمام مرآة، أو صديق مقرب، حتى تعرف كيف تبدو، وكيف يبدو صوتك، عندما تتحدث أمام الناس.