استذكر الكاتب مشاري الذايدي وصية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن للشعب السوري، التي أسداها لعدد من الصحفيين السوريين خلال لقائه بهم بالقاهرة على هامش زيارته لمصر في أربعينيات القرن الماضي، حيث كانت سوريا وقتذاك تعاني الاستعمار ومخاوف التقسيم وتنافر الأحزاب السياسية.
ودعا الملك عبدالعزيز السوريين إلى الوحدة والتضامن، وقال في الوصية التي نشرتها صحيفة "أخبار الظهران" في عددها الأول في ديسمبر عام 1954: "لقد كنت أسمع أن السوريين قوم يقولون كثيراً، لكنهم لا يجمعون على رأي واحد، وكنت أتجاوز عن هذا القول، لأني مدرك أن دمشق هي مبعث الحركة العربية وصاحبة الفضل الكبير في التقريب بين البعيد والقريب، فعليكم أن تتماسكوا وتهجروا المنافع، فالوقت الآن وقت الملمّات".
ثم يضيف: "لقد عشت 25 سنة في الفيافي والقفار، ولقيت من شظف العيش ومرارة الحياة شيئاً كثيراً، ونالني من طعنات السيف والسنان ما جعل الحياة في نظري لا تساوي شيئاً مذكوراً بالنسبة إلى إعلاء كلمة الحق ورفع راية الاستقلال، (ثم أشار إلى أحد أصابعه المشوّهة في بعض المعارك، وكشف عن ساعده الأيسر مشيرًا إلى طعنة فيه، وإلى طعنات سواها في جسمه)".
وخاطب السوريين بالقول: "أنا إن دعوتكم أيها السوريون إلى التضامن والعمل، فإنما أدعوكم من أجل بلادكم، من أجل سوريا". ثم تابع: "ثقوا بأني لا أطمع في حكم سوريا، بل أريدها دولة مستقلة استقلالاً تاماً.. إن وصيتي لكم أن تعملوا متضامين. إني للعرب عموماً، ولسوريا خاصة".
وقال الزايدي في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" أول أمس الجمعة، إنه يستشهد بتلك الوصية لما تعانيه سوريا حالياً من أوضاع مماثلة، لتلك الأوضاع التي كانت تعيشها إبّان وصية الملك عبدالعزيز، حيث "وحشية النظام، وغزو الروس، وإجرام الإيرانيين وتوابعهم، وراديكالية "النصرة"، ومصيبة "داعش"، وتناحر على المناصب والتمثيل والنفوذ".