روى الشيخ التونسي عبدالفتاح مورو عددا من القصص من الفترة التي عاشها في المملكة، إحداها كيف وضع يده على رقبة الشيخ بن باز رحمه الله، وسبب ذلك، والأخرى قصة هدية متواضعة قدمها للملك فهد، رحمه الله.
وأوضح مورو، أن سبب وضع يده على رقبة الشيخ ابن باز، أنه في تلك الفترة كان في حالة جنون، وكان الشيخ ابن باز يعتبره أحد أبنائه ويخلي مجلسه لاستقباله، وأنه أراد إخبار الشيخ أن المحاكمة التي أجريت للإسلاميين في تونس، قد انتهت وأُجّل فيها النطق بالحكم إلى الأسبوع التالي، وأنه وآخرين يخشون أن يُقضى عليهم بالإعدام، وعلى رأسهم الأستاذ راشد الغنوشي، فطلب من ابن باز أن يطلب من ولي العهد في ذلك الوقت الملك عبدالله، التدخل في الأمر.
وأضاف أن ابن باز ذهب بالفعل للملك عبدالله، ولكنه عاد دون نجاح لأن الملك عبدالله قدر أن الرئيس التونسي آنذاك، الحبيب بورقيبة لن يستجيب لتدخل يحصل لشأن تونسي داخلي في بلده، وأنه لما أبلغه الشيخ بن باز برد الملك عبدالله، أصيب بهياج وجنون، ووضع يده على رقبة الشيخ ليرجوه، إلا أنه عندما هدأ قال لابن باز، هل أنا وضعت يدي على رقبتك؟، دعني أقبل رجليك، أقبل رأسك، لأنه لم يكن يعي ولم يكن يدرك.
وأشار إلى أن الشيخ ابن باز تدخل مرة أخرى، لدى الملك عبدالله، فكان التواصل مع الحكومة التونسية على ألا يقع الحكم بالإعدام وأن من أبلغ الملك عبدالله بذلك، هو رشيد صفر رئيس الوزراء، والذي تحدث بالهاتف مع الملك عبدالله في تلك الليلة، ليخبره بأن تونس لن تعدم الإسلاميين، معتذرا عما حدث منه تجاه ابن باز، الذي وصفه مورور بأنه عالم الأمة وعالمها.
وأكد أنه عندما تحدث الملك عبدالله في ذلك الشأن مع بورقيبة الذي كان مريضًا في ذلك الوقت، رد بالقول إن في بلدنا قانونا، والمحاكم مستقلة، ثم عاد واتصل رشيد صفر رئيس الوزراء بالملك عبدالله، وقدّر تدخله ووعد بعدم إقرار حكم الإعدام ضد الإسلاميين.
وروى مورو قصة هدية قدمها للملك فهد عام 1986م بعد أن استمع الملك لعدد من الخطب في سيارته وكانت تلك الخطب للشيخ مورو نفسه، وأن الديوان الملكي اتصل به يطلب منه الانتقال إلى الرياض للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، وذلك منذ أكثر من 30 سنة.
وأضاف أنه مكث في جزء من قصر، حتى يلتقي بالملك، فطلب الإذن بالخروج لشراء هدية للملك ولم يكن لديه إلا 500 ريال، فذهب إلى أحد محلات الخزف الصيني ، وظن صاحب المحل أنه من أعيان الناس نظرا للباسه الفخم، فأدخله معتقدا أنه سيكسب من ورائه آلاف الريالات، فقال له أعطني أحسن مزهرية عندك في حدود 500 ريال، فأصيب البائع بخيبة أمل، وذهب ليبحث عما طلب وأحضر له مزهرية قال إن ثمنها الأصلي 600 ريال، فقال له ليس لدي إلا 500 ريال، وأنه يمكنه أن يقطع رقبتها بـ 100 ريال لتصير بـ 500 فقط، فقال البائع مضطرا: خذها، فسأله: من قلبك؟ قال من قلبي، فقال له إنها لحبيبنا.
وحكى مورو كيف قدمها للملك فهد، وأنه قال له: هل بلغك حديث سليمان مع ملكة النمل؟، فقال الملك: لا، فقال له إن سليمان كان عائدا من غزوة، ومر بوادٍ أسود يتحرك، فإذا هو نمل كثير، فتتبعه فإذا هو ينتهي عند ملكة النمل، فجلس عندها وسلم، فردت السلام، فأراد أن يقوم فقالت انتظرني قليلا لقد أعددت لك هدية، فقال وما هي، قالت حبة قمح، فضحك منها، وقال حبة قمح لملك، فقالت أعلم يا سيدي أنك قد وطئت بقدمك آلاف آلاف حبات القمح في تنقلاتك، ولكن ماذا أفعل يا سيدي فهذه الحبة قدر وزني 100 مرة، وبذلت في إحضارها جهدا كبيرا.
وبين أن الملك فهد سأله من أين أتيت بهذه القصة؟ فرد عليه: أنا كنت في الصف الثالث من جنود سليمان، فضحك الملك، وأدرك أنها مفبركة، عندها أخذ مورو المزهرية المتواضعة، ووضعها أمام الملك فهد، وهو يشعر بالجهد الذي بذله مورو لإحضارها، حيث كان في الأمر محبة وتقدير.