في الصحافة، الوقوع في شراك الخطأ مؤلم. ومكلف في ذات الوقت. والكتابة بطريقة "البروفايل" لها أسلوبها الخاص. وبعض الشخصيات بحاجة إلى بحث. وهناك قلة قليلة ليست بحاجة لذلك. أسماؤهم تحكي عن "بروفايل" جاهز. بالإنجازات والتاريخ. والدكتور عبد الله الربيعة كذلك. فهو الوزير، والمستشار لدى الديوان الملكي، وطبيب الملوك، والجراح العالمي. والذي يترأس مؤسسةً إنسانية بلغت خيراتها أقاصي الأرض ودانيها. يُدير فريقاً طبياً هو الأقوى في العالم بعمليات فصل التوائم السيامية. أجرى العملية رقم 58، ضمن البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة، الذي يشرف على 130 حالة بـ23 دولة.
قبل ساعات كانت أنظار الأرض تتجه صوب العاصمة الرياض. الكثير يترقب ويحبس الأنفاس، بعد إجراء عملية فصل للتوأم السوري "بسام وإحسان"، وذلك بأمرٍ من القيادة. ارتاح الكثير حين قال الربيعة "الحمد لله.. تم فصلهم بنجاح". ذرف الأبوان الدموع. وفرح ملايين البشر.
الربيعة الذي حمل لقب معالي؛ وتبوأ مناصب عديدة، لم يخلع بزة الطبيب. يُستدعى ويحضر. يحمل مشرطه وبين عينيه وطنه. يؤمن "أبو خالد" بأن إمكانياته وبراعته يجب أن تُجيّر لاسم المملكة. ويَعِي أن تلك مسؤوليةٌ كبرى لا يمكن التخلي عنها، مهما ارتفعت المناصب. هو الرجل الذي يعرفه العالم بأسره. وهو الرجل الذي قاسم النجاح مع فريقه الطبي تحت ستار الوطن.
نشرت قناة ABC News الأمريكية، تقريراً، قالت فيه إنه حطم الرقم القياسي في عمليات فصل التوائم السيامية. أحصت تلك العمليات – في حينها – بـ48 عملية. واعتبرت أن ذلك النوع من العمليات الجراحية هو الأعقد في العالم.
واختارته الأديبة الرومانية دومنيكا سيف اليزل، بطلاً لروايتها بـ"الحب واليأس"، التي روت في صفحاتها قصة فصل التوأم الماليزي الذي أجرى له الربيعة عملية الفصل عام 2002، وذلك كنايةً عن امتنانها لإنجازاته وأعماله الإنسانية.
ربما تنتهي كثيرٌ من القصص والروايات والحواديت، لكن قصة الربيعة، وهو راسم خرائط "نجاة التوائم"، وحامل "تباشير الفرح"، وصانع "الإنجاز"؛ لن تنتهي عند هذا الحد، وصفحات التاريخ ستبقى مفتوحةً له ولمشرطه "الذهبي". لأنه معالي المواطن، والإنسان. و"الوزير الجرّاح".. بطل "الحب واليأس".