وصف خبراء فنيون مشاركة فريق النصر في البطولة العربية للأندية المقامة حاليا في جمهورية مصر بالإيجابية جدا، رغم خروج الفريق غير المتوقع من دور المجموعات وتعرضه لهزات كبيرة، خصوصا الخسارة أمام فريق الفتح الرباطي المغربي برباعية، والمغادرة بنقطة وحيده من خلال تعادله مع فريق العهد اللبناني في المجموعة التي تضم أيضا فريق الزمالك المصري.

واتفق المختصون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، على أن إيجابية مشاركة النصر رغم النتائج السلبية قد تفوق السلبيات الناتجة من هذه المشاركة، خصوصا أن هناك أهمية لاكتشاف الأخطاء قبل انطلاق الموسم، رافضين بشدة تحمل المدرب الجديد ريكاردو جوميز واللاعبين الأجانب الجدد المسؤولية لما حصل من نتائج سلبية، والحكم المبكر على مستوياتهم الفنية أو التقليل من شأن هذا المدرب الذي يحمل سيرة ذاتية غنية، وكان من ضمن الأسماء المطروحة لقيادة المنتخب السعودي الأول قبل التعاقد مع الهولندي فان مارفيك.

وأنتقد بعض المختصين المستوى الفني وعدم المبالاة التي كان عليها اللاعبون السعوديون، وخصوصا ممن يوضعون في خانة «النجوم»، حيث لم يقدموا المستوى الفني الذي يجعل من وجودهم مثار ضجة كبيرة، وبخاصة المشاركين في إعادة النصر قبل موسمين إلى منصات التتويج المحلية من خلال بطولة الدوري لموسمين متتاليين، رافضين بشدة أن يكون هناك عذر لهؤلاء اللاعبين بعدم تسلم مستحقاتهم المالية للظهور بالمستويات الهزيلة التي لا تؤكد حرصهم على الدفاع بقوة على شعار فريق كبير، وصاحب صولات وجولات وتاريخ عريق.

في المقابل، نال فريق الهلال الذي شارك بالصف الأولمبي الإشادة الكبيرة بكونه قدم مجموعة شابة وأحرج فرقا كبيرة على المستوى العربي وكان بكل وضوح مثار فخر وارتياح لكل الهلاليين.

وقال المدرب الوطني عبد العزيز الخالد: في البداية يجب أن نعترف بأن البطولة العربية عادت إلى الواجهة في وقت غير مناسب أبدا، حيث جاءت قبل بداية الموسم، وفي وقت استعداد الفرق السعودية وغيرها للمنافسات المحلية؛ ولذا بات الكثير ينظر للمسابقة بنسختها الحالية أنها لا تعدو كونها بطولة إعدادية بها مباريات أشبه بالودية».

وأضاف: لا نقلل أبدا من الجهود التي بذلها الاتحاد العربي لكرة القدم من أجل عودة هذه البطولة بعد غياب طويل، لكن الوقت لم يتم اختياره بالطريقة المناسبة، كما أنه لم يكشف عن الأسباب التي استدعت ترشيح الفرق المشاركة سواء السعودية أو غيرها، فلم يعلن مثلا أن الهلال يشارك بكونه بطل الدوري أو غير ذلك، والحال نفسها للنصر، وكأن الأمور تمت من خلال قرارات ذات توجه معين يتعلق بأسماء الأندية المشاركة دون التقييد بإطار واضح يحدد أهلية مشاركة كل فريق».

وحول المستوى الفني لفريق النصر في البطولة كونه شارك بكل نجومه، وخالف كل التوقعات بالخروج مبكرا، والتعرض لنتائج غير متوقعة، وخصوصا أمام الفتح الرباطي والعهد اللبناني، وأخيرا أمام الزمالك المصري، قال الخالد: نظرا لكون البطولة بدأت قبل انطلاقة الموسم فكان من الطبيعي ألا يكون النصر في كامل جاهزيته الفنية للمشاركة القوية في هذه البطولة، حيث يمكن القول إن جاهزيته لم تتجاوز 70 في المائة؛ ولذا كان من الطبيعي أن يحصل بطء في التحرك وضعف في الانسجام والاحتكاك».

وزاد بالقول: حتى في المباريات الودية الاعتبارية خارج إطار مثل هذه البطولة العربية، يجب أن يتم خوض مباريات ذات مستويات متدرجة؛ حتى تكون آخر مباراة للفريق بمثابة الوصول إلى مرحلة الاستعداد القوي للمشاركة الأهم، وهي بطولة الدوري السعودي للمحترفين التي باتت على الأبواب».

وبيّن أن الواضح لدى النصر هو أن المدرب جوميز يريد التعرف على مستويات اللاعبين؛ لأنه يعتقد أنه غير مطالب بتحقيق اللقب، ولذا من الخطأ أن يتم الضغط عليه أكثر على أنه أقل من الطموحات لأنه لم يقد الفريق حتى للدور الثاني.

وشدد بالقول: يجب أن تتناسب المطالب مع الظروف، ولا أحد يشك في أن سجل هذا المدرب يعتبر قويا، كما أن اللاعبين الأجانب يحتاجون إلى المزيد من الوقت للانسجام الفني مع زملائهم قبل أن يتم الحكم عليهم، ومع مرور الوقت في الدوري وتصحيح الأخطاء التي ارتكبت سابقا يمكن الحكم على مستوياتهم الفنية وبكون بقائهم مفيدا أم العكس».

وأكد، أن عددا من لاعبي النصر الذين يعتبرون كبارا، وفي مقدمتهم الحارس الدولي وليد عبد الله لم يكونوا على قدر التطلعات، في حين أظهر لاعبون آخرون من الصاعدين تحديدا مثل سامي النجعي مستويات متطورة في هذه البطولة العربية.

وأشاد الخالد في المقابل بمستوى ونتائج فريق الهلال الأولمبي، معتبرا أنهم أظهروا مستويات تجعل من الأهمية أن يمنحوا الفرصة للعب في الفريق الأول، وإن كان من الضرر الذي قد يحصل لعدد من المواهب هو زيادة عدد اللاعبين الأجانب ليصل إلى 6، لكن في النهاية من المهم أن يمنح عدد من اللاعبين المحليين الصاعدين فرصا مناسبة لإثبات جدارتهم في المستقبل.

من جانبه، أكد المدرب الوطني علي كميخ، أن النصر ظهر بصورة متواضعة جدا في البطولة العربية خيبت كل التوقعات، ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يظهر الفريق بهذه الصورة.

وأضاف: رغم سوء النتائج فإن المشاركة تعتبر إيجابية؛ لأنها تكشف وضع الفريق وحاجياته قبل أن يدخل معمعة بطولة الدوري، حيث يجب العمل على تدارك الأخطاء، وخصوصا في الجانب الفني في منظومة اللعب الجماعي والجانب البدني، وبعد مضي جولتين في بطولة الدوري يجب أن تكون هناك إصلاحات حقيقية إذا كانت المستويات والنتائج أقل من التطلعات.

وانتقد كميخ العمل الذي يقوم به الجهاز الفني بقيادة المدرب جوميز، مشيرا إلى أنه يتضح للمتابع البسيط أنه ليس بكامل عافيته، وأيضا على اللاعبين الأجانب أن يظهروا عزيمة على قدرتهم على تقديم الأفضل في بطولة الدوري.

وشدد على أنه شخصيا وبحكم متابعته للنصر مصدوم جدا من المستويات والنتائج التي كان عليها الفريق؛ مما يتطلب عملا كبيرا جدا قبل الدوري من الجميع، سواء جهازين إداري وفني، ولاعبين وإدارة وشرفيين، وإذا كانت البداية في الدوري أيضا ضعيفة يتطلب وضع حلول عاجلة لأن المنتظر من النصر شيء كبير.

واعتبر أن المشاركة كانت خجولة جدا، لكنها مفيدة من جوانب عدة، ولها أيضا آثار سلبية يجب السعي لتجاوزها.
أما المدرب الوطني حمد الدوسري فاعتبر أن كشف الأخطاء مبكرا له أهمية؛ لأنه يمنح فرصة أكبر للتصحيح، وأن مستوى النصر الذي كان في البطولة العربية قد يبرر بكونه في مرحلة إعداد.

وأشار إلى أن الحكم على المدرب واللاعبين الأجانب يعتبر مبكرا جدا؛ كونهم يحتاجون إلى وقت للانسجام بكون هناك اختلاف في ظروف تجاربهم السابق، وخصوصا في أوروبا مع تجاربهم الحالية الجديد في منطقة الخليج بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص.

ورفض الدوسري تحميل الإدارة أي نوع من اللوم للموافقة على مشاركة الفريق الأول، مؤكدا أن النظرة لهذه البطولة بكونها إعدادا للدوري تعتبر فكرة ناجحة.

من جانبه، اعتبر المدرب الوطني سلطان خميس المشاركة إيجابية لأنها كشفت جانبا مهما، وهو أن اللاعبين السعوديين، وخصوصا المصنفين من فئة النجوم «المدليين» أكثر من اللازم؛ ولذا يجب أن تكون المعاملة معهم حازمة، ولا يتم توفير العذر لهم بعدم تقديم المستويات الفنية العالية؛ لأنهم لم يتسلموا مستحقات مالية، خصوصا أن رواتب هؤلاء النجوم عالية جدا؛ ولذا لا يمكن أن تتأثر حياتهم نتيجة التأخر في تسلم الرواتب، وعليهم مسؤولية جدية أن يقدموا الشيء الذي يستحقه الشعار الذي يرتدونه لأن هناك الكثيرين يحلمون بارتداء هذا الشعار وبمبالغ أقل بكثير مما يتقاضاه ما يوصفون بالنجوم اليوم.