هل يمكنك أن تشاهد فيلماً دون موسيقى تصويرية؟ ربما يبدو الأمر للوهلة الأولى غريباً بعض الشيء، لكن ماذا لو أتيحت لك فرصة مشاهدة فرقة أوركسترا حية تعزف تلك المشاهد لفيلمك المفضل أمام ناظريك، يبدو الأمر مشوقاً بالنسبة للجمهور. فالموسيقى ذات تأثير لافت في بناء المشاهد والحبكة السينمائية حتى، وهو الأمر الذي تحقق في مهرجان موسيقى الأفلام بالعاصمة الرياض.

على خشبة المسرح الأحمر بجامعة الأميرة نورة، قاد الموسيقار الهولندي، إرنست فان تيل، فرقة الأوركسترا في عزف موسيقى المشاهد التصويرية لفيلم " هاري بوتر" بدءاً من المشهد الافتتاحي للفيلم مروراً بتطور أحداث البناء الدرامي للقصة، فضلاً عن المقطوعة الختامية التي يرافقها عرض أسماء فريق العمل.

بدا مشهد عازفو الأوركسترا لافتاً، إذ تحيطهم أعمدة ضوء صغيرة للغاية تتدلى من الأعلى لتنسكب مباشرة باتجاه " النوتات الموسيقية"، فيما الظلام يعم أرجاء المسرح باستثناء مشاهد الفيلم.

يتابعون كل شاردة وواردة يصدرها المايسترو – الرجل الواقف -، أو حارس النغم، إن جازت تسميته، حينما يشير إلى إيقاع معيّن بإيماءات جسده المعهودة لتوصيل إحساسه لأعضاء فرقته.

وما إن أنهى الموسيقار العالمي عند العاشرة والأربعين دقيقة مساءً في الأمس، مقطوعته الختامية لفيلم" هاري بوتر"، حتى تنفس بمعيّة فرقة الأوركسترا الصعداء، بعدما أمضى زهاء ثلاث ساعات متتالية على خشبة المسرح الأحمر بذهن متقد، وجسد لا يكاد يهدأ، حتى يحافظ على تناغم إيقاع موسيقى فرقته مع مشاهد الفيلم الشهير، ويضمن أداء سلساً لأصوات الآلات الموسيقية المختلفة.

وفي أثناء ظهور شارة النهاية، وانتهاء المقطوعة، أعتلت أصوات التصفيق الحارة للجمهور. وقف الجميع في حالة دهشة فنية، إذ أبدوا إعجابهم في أداء الفرقة ورؤية قائدها الإبداعية، إذ خلقت حالة اندماج لافتة بين الصورة والموسيقى والمحافظة على الخيط الرفيع بينهما .

يقول الموسيقار فان تيل لـ " أخبار 24 " إن فرقة الأوركسترا التي يقودها كانت تتدرب لمدة 6 ساعات في اليوم الواحد، وبعدئذ يحصلون على قسط من الراحة، ليعودوا مجدداً إلى تنفيذ " البروفات " لمدة 3 ساعات إضافية، ويضيف بأن موسيقيي الفرقة وعازفيها متمرسون بشكل كبير، لذا يمكنهم قراءة وعزف النوتات بالطريقة الصحيحة .

فيما أبدى فان تيل الذي يقود فرقة أوركسترا فيلم ستارز وورز أيضاً، للصحافيين إعجابه في الموسيقى السعودية، ويرى أن الموسيقى عموماً يفوق تأثيرها اللغة، إذ تمنح الجميع شعوراً يمكن استيعابه بصرف النظر عن الفوارق الثقافية واللغوية، ويقول إنني لا أفهم العربية غير أني أستطيع فهم موسيقاها .

وعلى مدار 8 أيام، شهدت العاصمة السعودية حدثاً فنياً لافتاً يجمع بين أشهر الأفلام والأوركسترا الحية عبر مهرجان " موسيقى الأفلام" الذي عقد في الـ 7 من يوليو وينتهي بحلول اليوم، إذ يعد المهرجان رافداً إبداعياً لمحبي السينما والشغوفين بها، فضلاً عن أنه يغذي فضول الهواة بمتعة بصرية وموسيقية لافتة، فيما يعتبر الحدث الذي نقل الجماهير على مدار الأيام الماضية لأجواء الأفلام المعروضة نشاطاً يعزز الحركة السينمائية التي تشهدها المملكة، وبخاصة أن الرياض تصدرت في الآونة الأخيرة قائمة المدن الأكثر اهتماماً بـالأنشطة الإبداعية والفنون والترفيه.

فيما صمم المهرجان من قبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض من أجل تعزيز وتطوير المبادرات والمشروعات الثقافية، لتعزيز الإبداع وتنمية التبادل الثقافي الفريد، وتتماشى مع رؤية السعودية 2030 لنشر الفن والثقافة في أوساط سكان وزوّار العاصمة.

إلى ذلك، تتميز سلاسل الأفلام والألعاب العالمية بقاعدة جماهيرية واسعة ارتبطت بذاكرتها ألحان الموسيقى التصويرية لتلك الأفلام بأروع أحداثها وأقوى ملاحمها، ونظراً للأهمية الأدبية والسينمائية لتلك الأفلام؛ جرى اختيار أمهر المؤلفين العالميين لتأليف موسيقاها التصويرية، مما أدى لإنتاج مجموعة من أفضل السيمفونيات التي اكتسبت شعبية واسعة وقبولاً كبيراً.