قصيدة الشاعر الإماراتي أحمد الزرعوني كادت أن تعيد المياه إلى مجاريها، وتنهي الخصام والمقاطعة بين شقيقين ، هي قصة حدثت منذ عشر سنوات يحكيها الزرعوني فيقول: مازلت أتذكر هذه القصة، فقد بدأت أحداثها عندما تلقيت مكالمة هاتفية من شاب صغير في العمر أخبرني بأنه يحب قراءة قصائدي ومتابع جيد لي.

وكان يتحدث إلي بصوت خجول واستفسر مني عن إمكانية كتابة قصيدة خاصة بمناسبة عيد ميلاد أخيه إلا أنني في البداية لم أوافق بسبب كثرة انشغالاتي.

الحاح

ويضيف: وظل الشاب يلح علي وأرسل لي العديد من الرسائل الهاتفية، وفسر لي إلحاحه المستمر بأنه على خصام مع شقيقه، ويود مفاجأته بقصيدة شعرية مميزة، وعند ذلك وافقت على تلبية طلبه وقررت أن أكتب له قصيدة تستميل قلب أخيه بشرط أن يمهلني أسبوعاً، فرد بكل لهفة إنه سوف يسافر لأداء مناسك العمرة في اليوم التالي وبعد عودته سيتواصل معي من أجل استلام القصيدة.

وبالفعل قمت بكتابتها وأردت أن أفاجئه بتسجيلها بصوتي بتقنية حديثة وجودة عالية، ومضى أسبوعان ولم يردني أي اتصال من هذا الشاب، وكلما حاولت الاتصال به أجد هاتفه مغلقاً دائماً وتأكدت في هذه اللحظة أني أضعت وقتي مع شاب مستهتر.

الموت

ويقول الشاعر الشاب أحمد الزرعوني: بعد شهر تقريباً، تلقيت مكالمة هاتفية من نفس رقم ذلك الشاب، وعندما هممت بالرد عليه بكل غضب لاحظت أن صوت الطرف الآخر على الهاتف لا يشبه صوت الشاب إنما كان صوتاً رخيماً ويظهر عليه أنه لرجل كبير.

وقال لي: لقد وجد رسائل مني تفيد بمكالمات فائتة، فأخبرته بالقصة ولكنه صدمني عندما قال لي إن أخاه توفي في حادث سيارة أثناء ذهابه إلى المطار لأداء العمرة، ولكنني أبداً لم أفكر ولم أتخيل، بل لم يرد ببالي من الأصل هذا الاحتمال عندما كنت أتصل به.

وهذه أبيات من القصيدة التي كتبها الشاعر أحمد الزرعوني بألفاظه العذبة وصوره الفنية الجميلة التي تلامس القلب قال فيها:

انت الكبير وخاطرك مثلك كْبير

إقبل شعوري باعتذاري وسلامي

دام الخطا وارد وللعذر تبرير

وتدري بقدرك عندي واحترامي

بقول لك كل عام يامحمد بخير

واقصد بها اسف بموجز كلامي

كل عام لك عندي معزة وتقدير

وهذه الأبيات الشعرية تؤكد أن قصائد الشعر يمكن أن تكون وسيلة واقعية وفعالة لتأكيد مشاعر المودة والاحترام بين الإخوة الأشقاء، ولكن القدر لم يمهل ذلك الشاب الفرصة أن يعبر لأخيه عن ذلك.