حققت الهيئة العامة للرياضة رغبة العائلات السعودية بحضورها للملاعب ومشاهدة المباريات من المدرجات، تماشيا مع توجهات القيادة السعودية وما توليه من اهتمام بكافة فئات المجتمع، وتحقيقاً لرغبة المجتمع السعودي فقد تقرر البدء في تهيئة ثلاثة ملاعب في العاصمة السعودية الرياض، ومحافظة جدة، والمنطقة الشرقية، سيسمح فيها بدخول العوائل من بداية العام المقبل، وستتمكن النساء من الوجود على مقاعد الجماهير لمساندة المنتخب الوطني وأنديتهن المفضلة للمرة الأولى في تاريخ الرياضة السعودية، بعد أن ظلت في السنوات الماضية حكراً على الرجال والشباب، ولن تنتظر العوائل السعودية بعد اليوم المشاركات الخارجية في الدول المجاورة أو حتى البعيدة للأندية السعودية والمنتخبات الوطنية للسفر ومساندتهم من الملعب.
الحقيقة أن دخول العائلات للملاعب كان يقتصر فقط على منافسات الفروسية وبعض الأحداث الكروية الدولية التي يتم السماح فيها للأجنبيات بالحضور.
قرار السماح بدخول الملاعب للسيدات والعوائل يعد من أهم القرارات التاريخية، والذي ظل طوال العقود الماضية أحد الأماني للمشجعات اللواتي يقتصر دورهن خلف شاشات التلفاز وفي ومواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات الأندية، غير أن هذا القرار سيسعد فتيات الوطن، وهو ما أكدته الأميرة ريما بنت بندر وكيلة الهيئة العامة للرياضة ورئيس اتحاد الرياضات المجتمعية السعودية وبدت السعادة على محياها حينما أعلن عن هذا الخبر وهي إحدى الحاضرات في المؤتمر الصحافي، وباركت الأميرة ريما هذا القرار، وهنأت فتيات وسيدات وطنها بعد السماح لهن بالجلوس على كراسي المدرجات.
شغف الفتيات السعوديات وحتى السيدات في كرة القدم، وإلمامهن بكل التفاصيل المتعلقة بكرة القدم، أثبته حرصهن على حضور مباريات المنتخب الوطني أو الأندية المشاركة في دوري أبطال آسيا في دول الجوار، وكان لإقامة نهائي كأس السوبر السعودي خارج الحدود وتحديداً في عاصمة الضباب لندن في المواسم السابقة، أكبر دليل على اهتمام النواعم بكرة القدم، عندما طغى عدد المشجعات الإناث على الذكور في مواجهة الهلال بالنصر في لندن، ولا يفوتن فرصة الحضور وتشجيع الأخضر إذا ما لعب في إحدى الدول الخليجية لسهولة الوصول، لهذه الملاعب خصوصاً سكان المنطقة الشرقية.
حتى أن اللقاءات التلفزيونية من المدرجات تؤكد أن الفتيات السعوديات على دراية كاملة بقوانين اللعبة، ومتابعات لكل صغيرة وكبيرة في عالم كرة القدم سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، وكان من أبسط حقوقهن أن يتم السماح لهن بحضور المباريات وفق الضوابط الإسلامية والعادات والتقاليد السعودية، في أماكن خصصت لهن في الملاعب الثلاثة، في بيئة جاذبة وفرت فيها أرقى الخدمات التي تضاهي ما يقدم في الملاعب الأوروبية، من مقاهٍ ومطاعم ودورات مياه، بالإضافة إلى بوابات الدخول والخروج التي ستكون مستقلة تماماً عن مداخل الرجال، إلى جانب طاقة هذه الملاعب الاستيعابية، إذ تعد أكبر الملاعب في المملكة، كل هذه الأجواء ستمنح العوائل خصوصية تامة حتى تستمع بأجواء المباريات.
وتنتظر العائلات السعودية والمقيمة، الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل لتتمكن من الدخول في الملاعب الثلاثة بين الرياض وجدة والدمام، كمرحلة أولية، لمؤازرة أنديتها المفضلة بعد اكتمال الترتيبات النهائية لدخولهم، على أن يتم تهيئة ملاعب في مدن ومحافظات أخرى لاستقبال العوائل هناك، وستكون المرحلة الأولى من الملاعب الرئيسية في المملكة والمتمثلة في استاد الملك فهد في العاصمة السعودية، واستاد الملك عبد الله من على الساحل الغربي في محافظة جدة، واستاد الأمير محمد بن فهد من على الخليج العربي في مدينة الدمام، وسيكون العام الميلادي الجديد موعداً مع القرار التاريخي بدخول السيدات والفتيات للملاعب في أول مباراة من أول أيام السنة الجديدة.
وبحسب تصريح عبد الرحمن القضيب وكيل رئيس الهيئة العامة للرياضة للشؤون الفنية والاستثمارية لبرنامج «كورة» عبر شبكة «روتانا» التلفزيونية فقد خصص الدور الخامس في مدرجات ملعب الملك عبد الله «الجوهرة» في محافظة جدة للعائلات بشكل كامل في الجهات الشرقية والغربية والجنوبية بنحو عشرة آلاف مقعد على أن تكون البوابة الثانية والسادسة مخصصة للعائلات للدخول للمدرجات والبوابة السادسة الخارجية مخصصة لهم للدخول لمواقف السيارات، كما تم فصل العوائل عن بعضها البعض ويتبع المشجعون فيها سياسة الفريق الضيف والمستضيف، لضمان الخصوصية في المساندة والتشجيع وعدم تداخل الجماهير فيما بينهم.
وفي ملعب الملك فهد «الدرة» في العاصمة الرياض سيكون للعائلات 7 آلاف مقعد مخصصة لهم في أماكن مميزة، على أن تكون هذه المقاعد على يمين ويسار المقصورة الرئيسية في الملعب، في المنطقة القريبة من الدرجة الممتازة، وخصص لهم الممر السادس والثامن، وستكون البوابات 40 و41 و42، وفي المدرج الشمالي ستكون بوابة 1 و2 و3 و4 مخصصة لدخول العوائل، لكي يسهل متابعة المباريات، وفيما يخص ملعب الأمير محمد بن فهد في مدينة الدمام، خصصت للعائلات المدرجات الجنوبية الغربية والمدرجات الشرقية بنحو 4500 مقعد، ولضمان الوصول للهدف المنشود في استمتاع الأسر بمشاهدة المباريات في أجواء جميلة ومنظمة.
وسيكون بمقدرة العائلات شراء تذاكر حضور المباريات إلكترونياً، من خلال بطاقة الهيئة العامة للرياضة، وهذه البطاقة موجودة على موقع خاص على الإنترنت، وموصولة بخارطة لرقم الكرسي، كما بإمكان العائلات شراء الوجبات والمشروبات من المطاعم عبر هذا التطبيق، ويصل الطلب إلى المقعد المربوط إلكترونيا مع المطاعم، ولكن هذه الخدمة سيكون لها أجر مضاف إلى أجر الوجبات أو المشروبات، وسيكون أمام العائلات نظام متكامل مربوط بالتذاكر الإلكترونية لاستثمار هذه الخطوة الاستثمار الأمثل والذي يضمن راحة المشجعين.
ولم تغفل الهيئة عن مكافحة التدخين وتدرس بشكل جدي العمل على تحديد مقاعد خاصة بهم مستقبلاً كما هو معمول به في عدد من الملاعب العالمية، إذ يختار المدخن المقعد الخاص به أثناء شرائه للتذكرة، بحيث يضمن للعوائل أجواء صحية بعيده عن المدخنين، أو يتم السماح بالتدخين خارج المدرجات في ممرات تخصص في وقت لاحق، وسيتم الكشف عن هذه الخطوة مستقبلاً، في الوقت الذي سيتم إبعاد كل من يقبس سيجارته في الأماكن الممنوعة خارج الملعب.
هذه الخطوات المميزة التي وفرتها هيئة الرياضة العامة للعائلات، لا شك أنها ستجذب الكثير منهم لقضاء سهرات رياضية شيقة في أجواء أسرية سواء من المواطنين أو المقيمين، وحرصهم على مساندة أنديتهم بشكل مهذب وحضاري يثبت للعالم مكارم الأخلاق وعمق ثقافة الشعب السعودي، وشغفه الرياضي وتعلقه بلعبة كرة القدم التي تعد متنفساً حقيقياً للشباب والفتيات.
وحرك قرار السماح للسيدات والفتيات بدخول الملاعب مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر الوسم الخاص بذلك «تويتر» عبرت فيه السعوديات عن فرحتهن الغامرة بهذه الخطوة، وشكرن القيادة السعودية الحريصة على منح النساء السعوديات كافة حقوقهن ومن ضمنها دخول الملاعب ومتابعة المباريات من المدرجات، ووصفن هذه الخطوة بالمميزة، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى منافسة شرسة بين المشجعات، لإثبات النادي السعودي الأكثر شعبيه من جهة الفتيات، ولم ترجح كفة فريق على آخر بين مشجعات الهلال والنصر والاتحاد والأهلي.
وسبق قرار السماح للعائلات بدخول الملعب، السماح للنساء بالوجود على مقاعد مدرجات استاد الملك فهد الدولي في الرياض للاحتفال باليوم الوطني للملكة العربية السعودية الـ87، في بادرة لم تكن معهودة في السعودية، وشاركت المرأة للمرة الأولى في المحفل الوطني، حيث تم توجيه الدعوة للسيدات لحضور الحفل الرئيسي، وشهد هذا الحفل توافد كثير من الأسر السعودية والعربية في سهرة وطنية تخللها كثير من الفعاليات، وهو الأمر الذي يأتي في إطار رغبة المملكة لتعزيز دور المرأة، مع الحفاظ على كل الجوانب الأخلاقية والدينية المتأصلة في هذا الوطن.