يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اليومين القادمين الجزائر ومن ثم قطر، ومن المنتظر أن يناقش ماكرون العديد من الملفات في الجزائر لتعزيز العلاقات بين البلدين، فيما تكون زيارته إلى قطر لبحث ملفات الإرهاب، خاصة أن قطر على خلاف مع دول خليجية وعربية خاصة حول ملف الجماعات التي صنفت أنها إرهابية.

وتعتبر زيارة ماكرون إلى الجزائر أول زيارة له منذ انتخابه العام الماضي، ووصفت مصادر رئاسية فرنسة أن الزيارة هي «زيارة عمل وصداقة» وستليها في موعد لم يحدد «زيارة دولة» يعمل الطرفان على التحضير لها منذ الآن. وأضافت المصادر أن ماكرون يريد من خلال الزيارة «التأكيد على كثافة العلاقة» التي تربط البلدين والرغبة في «الانفتاح تماما» على الجزائر ومواكبتها في مساعيها لتنويع الاقتصاد.

ولن يغيب البعد الإقليمي عن محادثات ماكرون مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الحكومة أحمد أويحيى خصوصا فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية في ليبيا ومالي وبلدان الساحل الأخرى والحرب على الإرهاب بشكل عام حيث ترغب باريس بـ«مزيد من التعاون والتنسيق» مع الجانب الجزائري.

وتعتبر باريس أن للجزائر موقعا خاصا ليس فقط على الصعيد الثنائي وإنما أيضا في العلاقات مع أفريقيا حيث يمكن أن تلعب دور «الجسر» الواصل بين القارتين.

ورغم التأكيدات الفرنسية، فإن العلاقة بين باريس والجزائر كانت دائما بالغة الدقة وتتداخل معها العلاقات الفرنسية - المغربية بحيث تحرص باريس أن تلعب لعبة «التوازن» بين الرباط والجزائر، إضافة إلى أن فرنسا تريد أن تقلب صفحة الماضي وتحديداً الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي دام 133 عاما وانتهى بحرب التحرير الجزائرية، وإزاء مطالب الجزائر بأن تعترف باريس بالجرائم التي ارتكبتها قواتها بحق الجزائريين وأن تعتذر عنها، فإن الجانب الفرنسي يرفض دوما الذهاب إلى هذا الحد بغض النظر عن هوية الرئيس الفرنسي وانتمائه السياسي.

بيد أن الرئيس ماكرون، عندما زار الجزائر مرشحا رئاسيا في شهر فبراير (شباط) الماضي، لم يتردد في الحديث عن «جرائم الاستعمار» التي وصفها بـ«الجرائم ضد الإنسانية» والتي يتعين «تقديم الاعتذار» بشأنها لمن ارتكبت بحقهم. وعاد إلى ذلك في الخطاب الذي ألقاه الأسبوع الماضي في أفريقيا حيث تحدث أمام طلاب جامعيين في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو عن «جرائم الاستعمار الأوروبي» في أفريقيا التي «لا جدال بشأنها».

وهنا تلافت مصادر فرنسية إعادة استخدام هذه العبارات وشددت على رغبة ماكرون في قلب صفحة الماضي والتركيز على «الرؤية المشتركة لبناء المستقبل» وعلى «الموقع الخاص للجزائر» لدى فرنسا بسبب التاريخ المشترك والعلاقات الإنسانية الكثيفة و«الرغبة في تعزيز الشراكات معها في كافة الميادين» الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية.

وما يؤشر لذلك هو أن بعثة وزارية جزائرية رفيعة المستوى برئاسة أو يحيى ستحل في باريس في اليوم التالي في إطار انعقاد الهيئة للتعاون بين البلدين وستنكب على الاتفاقيات والمشاريع المشتركة الهادفة لتعزيز العلاقات والشراكات التجارية والاقتصادية.

وفي زيارته للدوحة التي مقررا لها عدة ساعات، ذكرت مصادر فرنسية أنها تأتي ضمن «التشاور السياسي»، خاصة أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زار باريس في سبتمبر (أيلول) الماضي. واللافت في الزيارة أن ماكرون سيزور قاعدة العديد العسكرية الأميركية، كما سيلتقي بالفرق الفرنسية المتواجدة فيها وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها باريس رسميا عن وجود قوات لها في هذه القاعدة.

وسيكون موضوع الإرهاب حاضرا بقوة، خاصة أن باريس تخطط لدعوة الدوحة إلى مؤتمر دولي حول محاربة الإرهاب في الربيع القادم وتوقيع «مذكرة تفاهم» مع الدوحة حول هذا الموضوع، خاصة أن باريس عازمة على بحث الملف الإرهابي بالتفصيل وبحضور الخبراء والمسؤولين من الطرفين كما أنها تنوي تقديم لوائح لهيئات وشخصيات تحوم حولها شبهات تمويل للإرهاب.