لا أحد يشك في مقدار الألم الذي يشعر به الشخص عندما يتعرض لهجوم من قبل أحد الحيوانات المنزلية، وربما لا يمكن لأحد منا لم يمر بهذه التجربة أن ينصف أصحابها، ولكن هذا الحدث مع كل ما يحمله من ثقل هو جزء من التنوع البيئي الجميل الذي أراده الله سبحانه وتعالى لبني البشر، فكل واحد منا له دور في الحياة، بل إن الإسلام كان تحولاً حقيقياً في الثقافة البشرية من حيث التعامل مع الحيوانات، إذ أصبح لهم حقوق ملزمة على المجتمع ككل.

وجاءت القوانين والتشريعات في دولة الإمارات لتبسط حمايتها على كافة عناصر البيئة بما فيها الحيوان والنبات، وفي هذا الإطار حددت معايير للاحتفاظ بالحيوانات ورعايتها تتضمن على سبيل المثال توفير الغذاء المناسب والمكان المناسب والذي يضم مساحات تسمح بحرية الحركة للحيوان، إضافة إلى توفير الرعاية الطبية ومعايير النظافة، مؤكدة أن مخالفة هذه المعايير يعتبر سلوكاً مجرماً ويوضع تحت طائلة العقوبات الجزائية التي تصل إلى الحبس مدة لا تزيد عن سنة والغرامة التي لا تزيد على 200 ألف درهم.

ولكن رغم هذا نجد بيننا من لا يزال ينظر إلى هذه الحيوانات وكأنهم بضاعة تجارية، تحقق مكاسب مالية كبيرة، فتراهم يصبون مكاسبهم وأهدافهم التجارية على أولئك الضعفاء قسوة وإهمالاً، بل يعمدون إلى وضعهم في مناطق ضيقة لتشجيعهم على التزاوج والتكاثر من دون منحهم حقوقهم في الحركة.

ومن هؤلاء سيدة عربية، دخلت إلى مجال التجارة عبر عرضها لمجموعة حيوانات للبيع من دون الحصول على ترخيص، حيث قام عدد من سكان المنطقة التي تقطن فيها، بتقديم بلاغات حول انبعاث روائح كريهة وتجمع للحشرات في إحدى الفلل.

وبتقنين الإجراءات القانونية توجهت فرق الشرطة إلى الموقع، حيث عثرت بداخل المنزل على 40 قطاً بحالة صحية سيئة إضافة إلى قط واحد ميت، كما وجد أن القطط محجوزة بطريقة لا تسمح لهم بالحركة وأن المكان مليء بفضلات القطط.

وبإخضاع القطط للفحص الطبي تبين أنها جميعاً تعاني من الحمى إضافة إلى وجود طفيليات وديدان بالأمعاء، ومرض جلدي وعث بالأذن، مما احتاجت معه إلى رعاية طبية خاصة.

وبالتحقيق مع المتهمة أنكرت إساءتها للحيوانات، وقالت إن هذه هواية تمارسها منذ 40 عاماَ، وادعت أنها تعتني بالقطط التي لديها وتقدم لها الطعام والرعاية اللازمة، كما أكدت أنها لا تمارس نشاطاً تجارياً وأن احتفاظها بالقطط هو على سبيل الهواية فقط.

وأمرت النيابة العامة في أبوظبي، بحبس السيدة على ذمة التحقيق، مع احالتها للقضاء، حيث وجهت لها تهم الإضرار وإلحاق الأذى والألم ومضايقة حيوانات وحجز حريتهم في مساحات ضيقة غير كافية لحركتها، وعدم توفير بيئة صحية من رعاية طبية وغذائية.

وتضمنت اللائحة الإضرار بالصحة العامة وممارسة نشاط تجاري بدون تصريح، كما أمرت النيابة العامة بإيداع 40 قطا تم العثور عليها في منزل المتهمة في مركز طبي تابع لجمعية الإمارات للرفق بالحيوانات لتلقي العلاج المناسب.

وبنظر القضية أمام محكمة استئناف أبوظبي، ادانت الهيئة القضائية المتهمة بما نسب إليها من تهم، وقضت بإبعادها عن الدولة مع الغرامة.