لم يبق ركن في العاصمة بغداد أو غيرها من المدن العراقية إلا ونصبت فيه صور عملاقة للمرشحين للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثاني عشر من مايو المقبل.
وفي بلد عانى لسنوات من العنف الطائفي والحروب والحصار، سيختار أكثر من 24 مليون ناخب يتوزعون على 18 محافظة تمثل كل واحدة منها دائرة انتخابية، نحو سبعة آلاف مرشح يتنافسون على 329 مقعدا برلمانيا، بينهم نحو ألفين يخوضون السباق لنيل 71 مقعدا في بغداد وحدها.
لكن بعد نحو عشر سنوات من أول انتخابات شهدها العراق إثر سقوط النظام السابق، يبدي العراقيون خيبة أمل اليوم مما يصفونه بتناوب الوجوه والأحزاب نفسها على الحكم وهيمنتها بشكل تام، على مفاصل السلطة.
يقول ميدان الحمداني (40 عاما) "منذ متى ونحن نرى إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وإياد علاوي وحيدر العبادي، تارة نائب ومرة وزير نفس الطاسة ونفس الحمام".
ويضيف "هي الأحزاب نفسها والأشخاص أنفسهم سيعودون للحكم مجددا، شئنا أم أبينا" خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 مايو المقبل.
ويعزز هذا الشعور، الفساد المستشري في البلاد، والذي غالبا ما يفلت مرتكبوه من العقاب بينما لا يستفيد المواطنون من الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب والكهرباء ووسائل النقل العام، في حين أن إنتاج النفط، الذي يعتبر المورد الرئيسي للبلاد، وأسعاره تبقى مرتفعة.
ونصبت لافتات في العاصمة العراقية عليها صور مرشحين، فيما غطت أخرى أعمدة وأشجار نخيل، حتى منهم من علق صوره مكان صور "شهداء" القوات الحكومية والحشد الشعبي، الذين قضوا في المعارك التي انطلقت منذ العام 2014 ضد تنظيم "داعش".
أمام تلك اللافتات في شارع السعدون الشهير وسط بغداد، يقف حيدر الشمري (35 عاما) وتعلو ملامح الغضب وجهه قائلا "كلها للوجوه السابقة نفسها (...) همهم الوحيد كسب الأموال وليس خدمة الشعب".
وما يعزز يأس العراقيين، أن الكلام نفسه يتكرر في كل حملة انتخابية، ويسألون عن وعود لم يف بها المرشحون بعدما أصبحوا نوابا.
ويشعر بهذا السخط في بقية أنحاء البلاد، وخاصة في مدينة الموصل التي دمرت إلى حد كبير أثناء القتال من أجل استعادة السيطرة على "عاصمة الخلافة" السابقة لتنظيم "داعش".
رغم ذلك فالواقع مختلف.
فوفق أرقام مفوضية الانتخابات، أكثر من 20 بالمئة من المرشحين في العراق، هم وجوه جديدة تؤكد نيتها في التغيير.
ويشكل فوز وجوه جديدة تحديا كبيرا وسط المنافسة مع الأحزاب الكبيرة التي تهيمن على السلطة منذ 15 عاما.