احتفى الإعلام الأميركي والعربي هذا الأسبوع بقصة الطفلة ‫اليمنية شيماء العمري، المصابة بمرض الشلل الدماغي التي دخلت الولايات المتحدة أخيراً، بعد حصولها على استثناء انساني، رغم قرار منع السفر الذي حد من دخول اليمنيين إلى الولايات المتحدة.

لكن قضيتها تلقي الضوء على ما يقدر بعشرة آلاف حالة أخرى ليمنيين مفرقين عن أزواجهم و آبائهم من حاملي الجنسية الأميركية، لا زالوا يتنظرون الحصول على تأشيرات للم شملهم مع عائلاتهم في أميركا.

قصة شيماء كانت قد حظيت باهتمام المحكمة العليا، التي تسائل بعض قضاتها -خلال جلسة استماع حول دستورية قرار منع السفر-عن سبب رفض وزارة الخارجية اعطاء شيماء، التي تبلع العاشرة من العمر، الاستثناء الانساني التي كانت إدارة #ترمب قد ذكرته مرارا كسبب يخفف من وطأة قرار منع السفر.

حيث كانت السفارة الأميركية في جيبوتي قد رفضت طلب لم شمل الأسرة في يناير رغم أن والد شيماء، أميركي الجنسية، ويعيش في كالفيورنيا.

علماً أن قوانين الهجرة الأميركية تسمح لحاملي الجنسية تمريرها-عبر سلسله من الخطوات-إلى أزواجهم و أبنائهم حتى لو ولد أطفالهم قبل حصول الأب أو الأم على الجنسية.

الاهتمام الإعلامي أنقذها
إلا أن الاهتمام الاعلامي بالقضية هو الذي غير رأي القنصل"، بحسب ما أكد والد شيماء نجيب العمري للعربية.نت.

فقد أوضح أن نائب القنصل الأميركي في جيبوتي بعث برسالة الكترونيه قبل يوم واحد من مرافعات المحكمة العليا، يخبر فيها العمري بأن شروط الاستثناء تنطبق على عائلته و بأن العائلة ستحصل على تأشيرات لدخول الولايات المتحدة.

يذكر أن العمري أتى إلى الولايات المتحدة من منطقة #إب في اليمن عام 1997 و حصل على الجنسية الأميركية عام 2010. خلال هذا الوقت كان قد تزوج و أنجب أطفالا في اليمن، لكنه قال إنه لم يستعجل في تقديم أوراق عائلته للاتيان بهم إلى أميركا في ذلك الوقت، لأن الوضع كان مستقراً في اليمن.

لكن "الحرب أخذتهم بشتى أنواع الطرق، بحسب وصف العمري.

وقد أجبر اغلاق السفارة الأميركية في صنعاء عائلته على الانتقال الى جيبوتي لمقابلة المسؤولين القنصليين.

وفي هذا السياق، قال العمري الذي اضطر الى العودة الى اليمن مع ابنته بعد ان تدهورت حالتها الصحية في جيبوتي:" كنت واثقا انهم لن يرفضوا طلبنا نظرا إلى وضع شيماء".

إلا أن العمري وزوجته و بناته الثلاثة اضطروا إلى الانتظار خمسة اشهر ما بين الرد السلبي الأول و ما بين حصوله على الاستثناء.

منع السفر ولم شمل الأسر
ورغم نهايتها السعيدة، تبقى قصة شيماء استثناء واحد من بين ما يقدر بعشرة آلاف حالة أخرى تم فيها رفض طلبات يمنيين للحصول على تأشيرة إلى الولايات المتحدة، منها طلبات انسانية و طبية ايضا، كما تقدر ديبي المنتصر، الأمين العام لرابطة التجار اليمنيين الاميركيين.

قرار منع السفر لا يؤثر فقط على طالبي التأشيرات السياحية أو الدراسية، بل يؤثر بطريقة أساسية على اليمنيين الأميركيين الذين يريدون لم شمل أسرهم واحضار زوجاتهم وأطفالهم الى الولايات المتحدة، و هو حق دستوري.

من جهته، أكد مشير فتاحي، الذي يعمل في شركة استشارية تساعد المهاجرين على تقديم طلبات الهجرة في نيويورك، أن وضع اليمنيين صعب جداً الآن، فالكثير من اليمنيين الأميركيين لم يفكروا في احضار زوجاتهم و أبنائهم إلى هنا في السابق، و لكنهم غيروا رأيهم بعد اندلاع الحرب."

خلال العقد الأخير، كانت وزارة الخارجية الأميركية تصدر ما بين الفين إلى 3 آلاف تأشيرة هجرة لليمنيين سنويا. لكن هذا العدد ارتفع الى 13الفا عام 2016، منها حالات تم تعجليها بسبب الحرب.

وعاد العدد وانخفض إلى أكثر بقليل من 5 آلاف العام الماضي بعد اعلان الرئيس دونالد ترمب لقرار منع السفر، والذي تم تجميده و إعادة العمل به عدة مرات.

540 استثناء لقرار منع السفر
وخلال الأشهر الأربعة الماضية-و منذ سماح المحكمة العليا بتطبيق قرار منع السفر لغاية البت به نهائيا- تم اصدار فقط 62 تأشيرة هجرة ليمنيين.

في المقابل، قالت وزارة الخارجية الأميركية للعربية.نت إنها أصدرت أكثر من 540 استثناء لقرار منع السفر. لكن الوزارة تؤكد أنها غير قادرة على توفير تفاصيل جنسيات الحاصلين على الاستثناء.

من جهته، قال فتاحي إن هناك الكثير من الأطفال الذين حصلوا على تأشيرات قبل أمهاتهم، مما دفع آباؤهم إلى احضارهم إلى الولايات المتحدة لوحدهم قبل انتهاء تاريخ تأشيراتهم.

لكنه أكد أن "عدد الاستثناءات الانسانية زاد بعد الضجة المرتبطة بجلسة المحكمة العليا، التي لم تبت بالقرار بعد، وقد بدأت السفارة الاميركية في جيبوتي تتعاون اكثر مع مقدمي الطلبات الآن، وتنظر فيما اذا كانت شروط الاستثناء تنطبق عليهم."

أما عبد أيوب، مدير القضايا القانونية والسياسية في لجنة مكافحة التمييز العربية الأميركية في واشنطن، فاعتبر أن "المشكلة هي انعدام وجود تفاصيل لكيفية التقديم على استثناء، نحن لا نعرف عما يبحث المسؤولين القنصليين وعما يقبلون."

وعلى سبيل المثال، تنتظر اديبه يحيى ناجي وهي يمنية أميركية في مصر منذ ثلاثة أعوام للحصول على تأشيرة هجرة لأبنائها الخمسة ولزوجها. فقرار منع السفر زاد من الفترة الزمنية للم الشمل والتي تستغرق سنوات في الكثير من الأحيان.

وقد باع زوجها فهد الحربي المايكروبص الذي كان يسوقه ليعتاش في إب في اليمن بعد الحرب، ولم يجد وظيفه في مصر لغاية الآن. أما أبناؤهم-الذين تترواج أعمارهم ما بين 16 عاما و أقل من عام، فلم يستطيعوا التسجيل للدخول في المدارس.

وفي هذا السياق، تقول اديبه ناجي :"كل يوم أقول لأبنائي إن شاء الله نترك قريب، إن شاء الله نترك لأميركا قريباً".