استرجع البروفيسور عوض الأسمري مدير جامعة شقراء بعض ذكريات طفولته في قرى بللسمر بمنطقة عسير وما عاشه من فقر وشظف في العيش وكيف استطاع شقّ طريقه من خلال تلك الصعوبات.
وقال الأسمري - في حديث لبرنامج "من الصفر" الذي يبث على قناة "إم بي سي" - إن والدته كانت تساعده في الذهاب إلى المدرسة التي تقع في قرية أخرى، وكان الطريق جبلياً شديد الوعورة، ويضطر لصعود مرتفعات صخرية في سبيل الوصول للمدرسة.
وأضاف أنه لم يكن حينها يملك نعلاً ويضطر للذهاب للمدرسة حافياً، وكانت الأحذية حينها تُعد شكلاً من الرفاهية، وكان الطالب الذي يملك حذاءً يحرص على المحافظة عليه، فلا يلبسه إلا داخل المدرسة ويتأبطه في طريق الذهاب والعودة خشيةً عليه من التشقق.
وتذكّر حين ترك المدرسة خوفاً من أحد المعلمين الذي كان يضرب الطلاب، وضربه مرة فشجّه وأسال الدم من رأسه، ولم يعُد إليها إلا بعد أن رافقه عمه وهدد المعلم بأنه إن أعاد ضرب الطفل فسيلقى المصير نفسه، موضحاً أن الضرب لم يكن شيئاً مستنكراً أصلاً، وكان جزءاً من الحياة المدرسية؛ لكن بعض المعلمين يبالغ في ضرب الطلاب وأحيانا دون أي سبب.
ولم يخفِ الأسمري كون بعض المعلمين لطفاء رحماء، كمدير مدرسته الابتدائية الذي أعطاه أربعة قروش مكافأة له على حفظه سورة الملك، وكانت القروش الأربعة أول مبلغ مالي يحصل عليه في حياته.
وعندما وصل للمنزل وأخبر والدته بالقصة ورأت المال فرحت كثيراً، مستذكراً كيف بكت ودمعت عيناها وضمته إليها، ثم أرسلته بعد ذلك لمتجر القرية واشترى بالقروش الأربعة تمراً وملحاً وشاياً وسكّراً.
وعن بساطة الحياة، قال البروفيسور الأسمري إن المنازل في تلك الأيام كانت تحتضن الناس وحيواناتهم؛ فيخصَّص للبقر والأغنام والدجاج غرف داخل المنزل، وفي إحدى الليالي دخل لمنزلهم الذي لم يكن له باب ذئب وأخذ يشتمه هو وإخوته ثم بدأ في مهاجمتهم، فتصدت له والدته واستطاعت ضربه بالعصا مرتين على رأسه وأصابته فخرج من المنزل وأنقذهم الله منه.
كما تذكر مساعدته لأمه عند ولادتها لأخويه وأخته، حيث كانت النساء يلدن بمفردهن في المنازل دون مساعدة أحد، ولم تكن المرأة الحامل تتوقف عن رعاية أبنائها والاهتمام بمنزلها حتى تحين ساعة ولادتها، وتذكر حين أيقظته أمه في إحدى المرات وطلبت مساعدته وكان يسمع بكاء أخيه المولود.
وبعد انتقاله للرياض لدراسة بعض سنوات المرحلة الثانوية في مدرسة اليمامة بحي المربع كان يسكن في حي العريجاء الذي يبعد عن مكان المدرسة ما يصل لاثني عشر كيلومترا، ويضطر لمشي تلك المسافة إذا لم يجد من يوصله للمدرسة أو من يأخذه منها، فإذا خرج بعد الظهر لم يكن يصل للمنزل إلا بعد العصر.