صعّد أبرز مستشاري الرئيس الأميركي صهره جاريد كوشنير ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشككاً في «قدرته أو رغبته» في التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، وحمّله المسؤولية عن تدهور الوضع الفلسطيني، مهدداً بأن واشنطن ستعلن «صفقة القرن» للسلام قريباً «مع الرئيس الفلسطيني أو من دونه». وكشف أن الدول التي زارها في جولته في المنطقة تمسكت بـ «دولة فلسطينية عاصمتها القدس». وسارعت السلطة الفلسطينية إلى الرد على تصريحات كوشنير، معتبرة أنها «دليل فشل صفقة القرن».
وقال كوشنير في مقابلة صحافية نادرة أجراها مع صحيفة «القدس» المحلية خلال جولة في المنطقة يرافقه خلالها مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، ولم تشمل لقاءات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية التي جمدت الاتصالات مع الإدارة الأميركية عقب اعترافها بالقدس «عاصمة لإسرائيل»: «إذا كان الرئيس عباس مستعداً للعودة إلى الطاولة، فنحن مستعدون للمشاركة في النقاش، وإذا لم يكن كذلك الأمر، سننشر الخطة علانية».
وسئل إن كان تدهور العلاقة مع عباس سيؤثر في إنجاز خطة السلام، فرد: «يقول الرئيس عباس إنه ملتزم السلام، وليس لدي أي سبب لعدم تصديقه... مع ذلك، أشكك في مدى قدرته، أو رغبته، في أن يميل إلى إنهاء الصفقة». وأضاف: «لديه نقاط الحوار التي لم تتغير خلال السنوات الـ25 الماضية. لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام في ذلك الوقت. ومن أجل الوصول الى صفقة، على الجانبين أن يتحركا وأن يلتقيا في نقطة ما بين مواقفهما المعلنة. لست متأكداً من قدرة الرئيس عباس على القيام بذلك».
وأنحى باللائمة على القيادة الفلسطينية في شأن الوضع الفلسطيني، وقال: «لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني يشعر بأن حياته تتحسن، وهناك فقط فترة معينة يمكن أن تلقي فيها اللوم على أي شخص آخر عدا القيادة الفلسطينية. يشعر المجتمع الدولي بالإحباط من القيادة الفلسطينية، ولا يرى الكثير من الأعمال البناءة لتحقيق السلام... من يشككون أكثر، يقولون إن الرئيس عباس يركز فقط على بقائه السياسي، ويعزز إرثاً من عدم التسوية بدل تحسين حياة الشعب الفلسطيني».
وقال إن القادة العرب في جولته «أوضحوا أنهم يريدون رؤية دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»، و «جميعهم يصرون على أن المسجد الأقصى يجب أن يبقى مفتوحاً لجميع المسلمين الذين يرغبون في الصلاة فيه». ورداً على سؤال هل خطة السلام الجديدة ستتضمن ذلك، أكد كوشنر: «سيكون الأمر متروكا للقيادة والشعب من كلا الطرفين لتحديد ما هو مقبول كحل وسط».
ورفض مجددا الخوض في تفاصيل خطة السلام، قائلاً: «نقاط الصفقة الفعلية هي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن الخطة الاقتصادية التي نعمل عليها يمكن أن تظهر ما يأتي كجزء من صفقة عندما يتم تحقيقها مع بعض الاستثمارات الضخمة التي تمتد إلى الشعبين الأردني والمصري أيضاً». وتحدث عن «جذب استثمارات كبيرة للغاية في البنية التحتية من القطاعين العام والخاص، لجعل المنطقة بأكملها أكثر ترابطاً وتحفيز اقتصادات المستقبل».
ووجه كوشنر حديثه إلى الشعب الفلسطيني مباشرة، مصوراً عباس (82 عاماً) على أنه زعيم يعيش في الماضي، وقال: «وقعت أخطاء لا حصر لها وفرص ضائعة على مر السنين، ودفعتم أنتم، الشعب الفلسطيني، الثمن». وتابع: «لا تدعوا قيادتكم ترفض خطة لم ترها بعد».
وعلى الجانب الفلسطيني، رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أن مقابلة كوشنير تعكس رفض الإدارة الأميركية «الحديث عن جوهر المضمون»، و «تمثل سياسة الإملاءات بدلاً من المفاوضات والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تنصلت منها إدارة ترامب». وتابع أن «الإدارة الأميركية الحالية تحاول في الواقع تدمير المعسكر الفلسطيني المعتدل. يريدون دفعنا إلى الفوضى».
وقال مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية الدكتور نبيل شعث في حديث إذاعي، إن مبعوثي الرئيس الأميركي يعملون لحساب إسرائيل في البيت الأبيض. ورفض بشدة ما يروجون له من حلول اقتصادية على حساب استقلال شعب فلسطين وحريته، وقال: «إن مقابلة كوشنير خير دليل على فشل صفقة القرن»، موضحاً أن «مبعوث ترامب حاول من خلالها مخاطبة الشعب الفلسطيني في شكل مباشر لأنه لم يجد آذاناً صاغية في العواصم العربية». وقال الناطق الرئاسي نبيل أبو ردينة لوكالة «رويترز»: «الطريق للوصول إلى السلام واضح. هو التزام حل الدولتين. دولة فلسطينية على حدود عام 1967 والقدس عاصمة لها».
وقال نتانياهو في تصريحات أدلى بها خلال اجتماع أعضاء حكومته، إن المسؤولين الأميركيين «يدعمون موقفنا وتحركاتنا في شكل كامل لضمان أمن إسرائيل ومواطنيها في محيط غزة». وتابع: «تناولنا أفكاراً حول كيفية حل المشكلة الإنسانية في غزة، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى تقوية حركة حماس».