علمت «الحياة» أن مصر تعدّ لاستئناف مساعيها لإنهاء الانقسام الفلسطيني قريباً، في إطار مبادرة جديدة للمصالحة يجري إعدادها، في وقت أعطى الرئيس محمود عباس إشارات قوية إلى قرب عودة السلطة للعمل في قطاع غزة والإشراف على المشاريع الدولية فيه، كما عكست الشروطُ التي حددتها حركة «حماس» لقبولها المصالحة، هذا التوجه.
وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ «الحياة» أن الجانب المصري يجري اتصالات مع حركتي «فتح» و «حماس» تمهيداً لعقد لقاء بين ممثلين عن الجانبين في القاهرة قريباً. وذكرت أن «حماس» اقترحت على الجانب المصري أن تتضمن المبادرة تشكيل حكومة جديدة، واستيعاب الموظفين الذين عينتهم الحركة، وعقد اجتماع للإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكان عضو المكتب السياسي لـ «حماس»، نائب رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية حدّد في مقابلة مع صحيفة «الرسالة» التابعة للحركة أمس، شروط استئناف المصالحة المجمدة منذ نحو ستة أشهر مع «فتح». وقال إن هناك محدديْن لهذه المصالحة، أولهما «البدء بـرفع كل العقوبات عن غزة»، والثاني يتمثل في «التوافق على عقد اجتماع مجلس وطني توحيدي... لتطبيق كل ما جرى التوافق عليه، من انتخابات عامة في التشريعي والرئاسي والوطني».
وأعطى الرئيس الفلسطيني إشارات إيجابية إلى إمكان عودة السلطة للعمل في قطاع غزة. وذكرت مصادر ديبلوماسية غربية لـ «الحياة» أن عباس أبلغ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف استعداد السلطة للعودة إلى قطاع غزة والإشراف على المشاريع الدولية في القطاع، في حال أُزيلت العقبات.
واستقبل عباس المبعوث الدولي مساء الأحد، بعد قطيعة استمرت شهوراً. وقالت المصادر إن عباس رفض مراراً في الشهرين الأخيرين استقبال ملادينوف على خلفية دوره في مشاريع في غزة يرى الرئيس الفلسطيني أنها صممت لأغراض سياسية. لكن ملادينوف أكد لعباس أن هذه المشاريع ذات طابع إنساني، وأنها غير مرتبطة بالخطة السياسية الأميركية (صفقة القرن)، وأن السلطة غير مطالبة بدفع أي ثمن سياسي لها.
وتتعرض السلطة الفلسطينية إلى ضغوط سياسية ومالية أميركية للانخراط في «صفقة القرن». وقالت مصادر فلسطينية إن هذه الضغوط وضعت عباس أمام خيارين، إما العودة إلى غزة، وتالياً التعرض إلى ضغوط سياسية في مقابل توفير الأموال اللازمة لحل المشكلات الإنسانية التي يعاني منها القطاع المحاصر منذ 11 سنة، أو الانسحاب وترك القطاع مفتوحاً أمام خطط ومشاريع تحمل عناوين إنسانية، لكنها ذات مضامين سياسية تتصل بخطة «صفقة القرن». وأضافت أن عباس وجد أن أفضل وسيلة للتصدي للمشروع الأميركي هو عودة السلطة إلى قطاع غزة، والإشراف على المشاريع الإنسانية وغيرها في القطاع.
لكن عودة السلطة تتطلب تحركاً جديداً تجاه «حماس» التي تسيطر على القطاع، وهو ما يُتوقع حدوثه في المرحلة القريبة المقبلة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «وفا» عن عباس تأكيده لملادينوف أن القيادة الفلسطينية تواصل العمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية على قاعدة تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهماتها في قطاع غزة كما هي في الضفة الغربية. وقال المبعوث الأممي إن «الأمم المتحدة تدعم بشكل كامل إنهاء الانقسام... وجهود القيادة الفلسطينية للعودة إلى غزة، لتتمكن الحكومة الفلسطينية من استلام مسؤولياتها هناك».
على صعيد متصل (رويترز)، حض سبعة سفراء أميركيين سابقين لدى الأمم المتحدة، خدموا في عهود رؤساء جمهوريين وديموقراطيين، وزير الخارجية مايك بومبيو أمس على استئناف التمويل الأميركي لـ «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا).
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حجب المساعدات بعد أن شكك في قيمتها، وقال إن واشنطن ستقدم المساعدات فقط إذا وافق الفلسطينيون على إحياء محادثات السلام، بينما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن على الوكالة أن تجري إصلاحات لم تحددها.
وكتب السفراء السابقون في رسالة أمس: «هذه الفجوة المالية تلقي بظلال من الشك على قدرة أونروا على مواصلة تقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية لملايين الناس، ولها تداعيات على الأمن القومي لأقرب حلفائنا، وبينهم إسرائيل والأردن». وأضافوا في الرسالة التي أرسلت نسخة منها أيضاً إلى سفيرة الولايات المتحدة الحالية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون: «ندعوك إلى استئناف التمويل الأميركي للمساعدة في سد هذه الفجوة».
وحملت الرسالة توقيع سامانثا باور، وسوزان رايس، وبيل ريتشاردسون، ومادلين أولبرايت، وهم سفراء عينهم رؤساء ديموقراطيون، بالإضافة إلى جون نيغروبونتي، وإدوارد بيركنز، وتوماس بيكرينغ، الذين عينهم رؤساء جمهوريون.