تعرّض مسرح مدينة "بصرى" الشام لتدمير في بعض أجزائه، جراء عمليات قصف جيش النظام السوري والطيران الروسي، لمدينة درعا التي يعتبر المسرح المذكور، أحد أشهر معالمها التاريخية، وأحد أشهر المعالم الثقافية التاريخية، على مستوى العالم.

وتشير الأنباء التي بدأت بالورود على مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، منذ أواخر شهر حزيران/ يونيو الفائت، إلى أن مدرج بصرى قد أصيب بأكثر من عملية قصف نفذها جيش النظام السوري، والطائرات الروسية، والمدافع العائدة للميليشيات الإيرانية التي تقاتل مع جيش الأسد، حاليا، جنوبي سوريا.

وذكرت أنباء من مصادر مختلفة أن قصفاً روسياً أصاب قلعة مسرح بصرى التاريخية، كما أصيبت مدرّجاته، هي الأخرى، حيث تساقطت قطع كبيرة من مقاعده الحجرية التي صمدت قرابة 14 قرناً دون تخريب، حتى اعتبر مسرح بصرى الوحيد في العالم الذي يحافظ على بنائه، كاملاً بين جميع المسارح الرومانية.

واستهدف القصف جوانب مختلفة من المسرح التاريخي الفريد، كساحته التي تقع في جهة الغرب، والجزء المعروف فيه باسم "متحف التقاليد الشعبية".

وقام عدد من الآثاريين والمعارضين السوريين، بأوقات مختلفة، بمناشدة منظمة "اليونيسكو" التي أدرجت مدينة بصرى التي يقع فيها المسرح، في قائمة التراث العالمي، لحماية هذا التراث الإنساني الفريد، من التدمير المتواصل الذي يلحق به جراء عمليات قصف جيش الأسد، لمدينة درعا، والذي طالها أكثر من مرة، منذ بدأ النظام السوري بقصف مناطق المعارضة السورية.

وأكد أنس المقداد، الآثاري والأكاديمي السوري، في تصريحات صحافية لزمان الوصل المعارض، أن منظمة اليونيسكو لم تتدخل لحماية بصرى ومسرحها، وأنه رغم الرسائل التي توجه بها إلى المنظمة المعنية أممياً، بحماية التراث العالمي الإنساني، فإنها لم تستجب لنداءاته، أبداً.

وأشار المقداد إلى أن قصف جيش النظام والطائرات الروسية، لم يطل وحسب مسرح بصرى وقلعتها، بل طال الجامع العمري، وكاتدرائية بصرى الشام، ومناطق عمرانية أخرى ذات أهمية تاريخية لا تقدر بثمن.

وأكدت مواقع صحافية مختلفة، عبر صور منشورة، تعرض مدرج مسرح بصرى، لتدمير في بعض أجزائه جراء القصف الروسي وقوات الأسد، الأسبوع الماضي. إلا أن أهمية هذا المكان، على مستوى التاريخ العالمي، تجعل من تضرره الجزئي، فاجعة تاريخية وأكاديمية، أيضاً.

يذكر أنه على الرغم من عدم وجود توافق بين الآثاريين والمؤرخين، حول الزمن الدقيق لبناء مسرح بصرى، إلا أن هناك إجماعاً على أنه بني ما بين عامي 117 و138 للميلاد، وبُعيد وفاة ملك الأنباط الذي كان يتخذ من مدينة بصرى عاصمة له.

ووفقا للدكتور سعيد الحجي، الآثاري والأستاذ السابق بجامعة دمشق، فقد ورد ذكر #مدينة_بصرى، في مراسلات "تل العمارنة" في عام 1350 قبل الميلاد، والتي تم الكشف عنها عام 1885 ميلادية، وتعتبر أرشيفاً ملكياً فرعونياً مكتوباً بالخط المسماري، قال عنه عالم المصريات الشهير الدكتور زاهي حواس، إنه "أرشيف ملكي فريد من نوعه، يؤرخ للديبلوماسية المصرية خلال أزهى عصور مصر الفرعونية" بحسب ما كتبه لـ"الشرق الأوسط" اللندنية، بتاريخ 14 يونيو 2012.

ويتّسع مسرح بصرى المنحوت من حجر بازلتي، لأكثر من 15 ألف متفرج، في منطقة ترتفع 850 مترا عن سطح البحر، شهدت استيطاناً بشرياً منذ العصر البرونزي القديم، وكانت عاصمة الإقليم العربي الروماني، ثم عاصمة الأنباط، وطريق القوافل العربية، ثم واجهة الفتح الإسلامي، في وقت لاحق.