قدم أول تحليل دقيق لمحتويات معدة رجل الثلج "أوتسي" في دراسة حديثة لمحة نادرة عن العادات الغذائية والتغذية القديمة التي يعود تاريخها إلى نحو 5 آلاف سنة، فماهي إذا مكونات آخر وجبة لرجل الثلج؟

ذكرت دراسة علمية نشرت اليوم الجمعة (13 يوليو/تموز 2018) إن الوجبة الأخيرة التي عُثر عليها بأحشاء مومياء يعود تاريخها إلى 5 آلاف و300 عام والمعروفة باسم "رجل الثلج". هذه الوجبة كانت تحتوي على كمية مرتفعة بشكل ملحوظ من الدهون مع الحبوب. وقام حوالي 40 باحثًا من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك علماء أستراليون، بتحليل المحتويات المحفوظة جيدا التي كانت بمعدته والتي تم اكتشافها مؤخرًا فقط أثناء تحريك معدته خلال عملية التحنيط.

وكانت هذه الدراسة أول تحليل متعمق لمحتويات معدة رجل الثلج، وتقدم لمحة نادرة عن العادات الغذائية والتغذية القديمة، التي تعود إلى العصر النحاسي، خلال الفترة التي كان فيها البشر ينتقلون من صيادين إلى مزارعين. وفي عام 2009، تم إطلاق محاولة لتحليل محتويات معدة المومياء. وقال فرانك ميكسنر، الباحث في معهد يوراك لبحوث دراسات المومياوات في بولزانو بإيطاليا، إن مادة المعدة كانت بالمقارنة مع عينات من الأمعاء الدقيقة، التي تم تحليلها سابقا، محفوظة بشكل جيد للغاية. وأضاف أنها تحتوي أيضا على كميات كبيرة من الجزيئات الحيوية الفريدة مثل الدهون، التي أتاحت لفريق الباحثين فرصًا منهجية جديدة لمعالجة تساؤلات حول النظام الغذائي لرجل الثلج.

مكونات الوجبة الأخيرة لأوتسي

تم اكتشاف "رجل الثلج"، المعروف أيضا باسم "أوتسي"، محفوظ بشكل طبيعي في ثلوج جبال الألب الإيطالية في عام 1991 من قبل سياح ألمان. وكشفت الاختبارات السابقة على رفاته أنه كان في الخامسة والأربعين من عمره عندما قُتل، حيث اخترق رأس سهم كتفه الأيسر ما أدى إلى إصابته بنزيف حتى الموت. وكانت معدته مليئة بالطعام عندما ما، مما يعني أنه ربما أكل قبل وقت قصير من تعرضه للهجوم.

وبحسب الدراسة التي نشرت في دورية "كارنت بايولوجي"، وجد الباحثون كمية من اللحم لنوع من أنواع الماعز البري والغزال الأحمر وآثار من نبات السرخس ونوع من القمح (حبة واحدة فقط). وبينت الدراسة أن نصف محتويات معدته كانت من الدهون، ربما نتيجة لتناول لحم الماعز الذي تم شوائه قبل تناوله، حيث كانت هناك جسيمات من الفحم في المعدة. وأشار التحليل إلى أن اللحم البري كان يؤكل طازجًا أو ربما تم تجفيفه وأن الوجبة الأخيرة كانت متوازنة بشكل جيد بالنسبة لإنسان في هذه المراحل المبكرة. وكانت دراسة سابقة لرفات هذه المومياء قد أظهرت نوعا من تصلب الشرايين بها، ربما كان نتيجة الإكثار من الدهون في الطعام.

وبينما كان النظام الغذائي عالي الدهون غير متوقع، قال الباحثون إنه "منطقي تمامًا" نظرا لبيئة جبال الألب الوعرة التي يعتقد أن رجل الثلج عاش فيها. ويقول ألبرت زينك، وهو أيضاً في معهد أبحاث يوراك لدراسات المومياوات، إن البيئة المرتفعة والباردة تمثل تحديا خاصا لعلم وظائف الأعضاء البشرية وتتطلب إمدادات غذائية مثالية لتجنب الجوع السريع وفقدان الطاقة. وأضاف أنه على يبدو أن رجل الثلج كان يدرك تماما أن الدهون تمثل مصدرا ممتازا للطاقة. وتُحفظ المومياء حاليا في حالة تجمد في متحف ساوث تيرول للآثار في إيطاليا.