حثت كوريا الشمالية، عبر منابرها الإعلامية الرسمية، الولايات المتحدة أمس على التخلي عن العقوبات، بينما قالت كوريا الجنوبية إنها تحقق في تسع حالات تخص شحنات فحم ربما انتهكت قرارات الأمم المتحدة.

وقالت صحيفة «رودونغ سينمون»، الناطقة بلسان حزب العمال الحاكم إن بيونغ يانغ أظهرت حسن النية بإنهاء تجارب الأسلحة النووية وتسليم رفات جنود أميركيين قتلوا في الحرب الكورية التي دارت بين عامي 1950 و1953، وإنه لم يعد هناك سبب لسريان قرارات الأمم المتحدة.

وجاءت هذه البيانات بعد أن خلُص تقرير سري للأمم المتحدة قبل أيام فقط إلى أن كوريا الشمالية لم توقف برامجها النووية والصاروخية فيما يمثل خرقا لقرارات الأمم المتحدة، وواصلت التجارة بشكل غير قانوني في النفط والفحم وبضائع أخرى، كما نقلت وكالة «رويترز».

وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية ومسؤولون بالجمارك إن سيول تنظر في تسع حالات محتملة لدخول فحم من كوريا الشمالية على هيئة منتجات روسية. وأحجموا عن ذكر تفاصيل بشأن عدد الشحنات أو هوية الشركات المشاركة في الأمر، وقالوا إن التحقيق في آخر مراحله بعد مداهمات وتحليل جنائي، لكن قد تثبت مشروعية بعض الحالات.

وتعهدت كوريا الشمالية والولايات المتحدة بالعمل على إنهاء برامج بيونغ يانغ الخاصة بالأسلحة خلال اجتماع قمة تاريخي عُقد في يونيو (حزيران) في سنغافورة، ولكنهما يواجهان صعوبة في التوصل لاتفاق لتحقيق هذا الهدف.
واتهمت صحيفة «رودونغ سينمون» واشنطن بالقيام بتصرفات تناقض خطتها لتحسين العلاقات، على الرغم من تقديم بيونغ يانغ لفتات تنم عن حسن نواياها، من بينها وقف التجارب النووية والصاروخية وإزالة موقع نووي، وإعادة رفات الجنود الأميركيين الذين قتلوا في الحرب الكورية، وفق الصحيفة الرسمية.

وأضافت في افتتاحيتها: «هناك حجج مشينة تصدر من وزارة الخارجية الأميركية بأنها لن تخفف العقوبات إلا بعد استكمال نزع السلاح النووي، وأن تعزيز العقوبات وسيلة لزيادة قوتها التفاوضية». وتساءلت: «كيف يمكن للعقوبات، التي تعد عصا تشهرها الإدارة الأميركية في إطار سياستها العدائية ضدنا، أن تشجع المودة بين البلدين؟». ويُعدّ هذا المقال إشارة جديدة إلى شعور بيونغ يانغ بالإحباط إزاء الوتيرة البطيئة التي تسير بها المفاوضات النووية.

وقد دفعت الولايات المتحدة المجتمع المدني لفرض عقوبات صارمة على كوريا الشمالية بسبب إجراء بيونغ يانغ سلسلة من التجارب الصاروخية والنووية العام الماضي. وخلال انعقاد منتدى «آسيان» السبت، حدثت مناوشة كلامية بين الجانبين الأميركي والكوري بشأن اتفاق سنغافورة، حيث دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إبقاء العقوبات على كوريا الشمالية، بينما انتقد نظيره الكوري الشمالي ري يونغ هو «تراجع» واشنطن عن إنهاء الحرب. وأشار بومبيو إلى أن مواصلة عمل بيونغ يانغ على برامج الأسلحة يتناقض مع تعهد الزعيم كيم جونغ أون بالتخلي عن السلاح النووي، لكنه عبر عن تفاؤله بتحقيق هذا التعهد.

وأثناء عودته إلى واشنطن، قلل بومبيو من أهمية التصريحات المتبادلة مع ري، قائلا إن اللهجة تختلف كثيرا عن العام الماضي. وقال لصحافيين مرافقين له: «أوضح الوزير تماما استمرار التزامهم بنزع السلاح النووي». وأضاف: «ربما ليس لدي تصريحاته على وجه الدقة، ولكنها قريبة جدا. وبصراحة بالمقارنة مع الغضب، على مدى سنوات وسنوات، والكراهية مثلما كان يعبر عنها الكوريون الشماليون، فإن تصريحاته مختلفة».

وحثت مواقع إلكترونية دعائية تابعة لكوريا الشمالية أيضا الولايات المتحدة، أمس، على التخلي عن العقوبات وبناء الثقة. وانتقد أحد هذه المواقع، هو «أوريمنزوكيري»، العقوبات وحملة الضغط ووصفها بأنها «عفا عليها الزمن» وعقبة أمام تحسين العلاقات، داعيا إلى بذل جهود لإعلان انتهاء الحرب الكورية رسميا.

وانتهت الحرب الكورية بهدنة وليس بمعاهدة سلام، مما يجعل قوة الأمم المتحدة التي تقودها الولايات المتحدة وتشمل كوريا الجنوبية في حالة حرب مع بيونغ يانغ. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ملتزمة بإنشاء آلية للسلام لتحل محل الهدنة، لكن فقط بعد أن تتخلى كوريا الشمالية عن برنامجها النووي.

وشدد موقع إلكتروني آخر، هو «مايري»، على الحاجة لاتخاذ الجانب الأميركي إجراءات لبناء الثقة، ردا على تحركات بيونغ يانغ في إنهاء برامج الأسلحة وإعادة الرفات. وقال الموقع إن «رقص التانغو يتطلب اثنين».

وقال كيم أوي - كيوم، المتحدث باسم البيت الأزرق الرئاسي في كوريا الجنوبية، أمس إن الحكومة تطالب الشمال بتسريع التخلي عن السلاح النووي، وتطالب الولايات المتحدة بإبداء حسن النية إزاء مطالب بيونغ يانغ بشأن الخطوات المتبادلة.

وعلى صعيد التقدم الذي أحرزته الكوريتان، انتهت سيول وبيونغ يانغ أمس من وضع قائمة بأسماء العائلات التي فرقتها الحرب الكورية، والتي سيجتمع أفرادها لفترة وجيزة هذا الشهر بعد عقود من الانفصال، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سيول.

واتفق البلدان في يونيو على استئناف عمليات لم شمل العائلات التي فرقتها الحرب (1950 - 1953) بعد اجتماع مهم بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي - إن في أبريل (نيسان).

وسيتوجه 93 شخصاً من كوريا الجنوبية إلى منتجع ماونت كومغانغ شمالاً للقاء أقاربهم، بينما سيلتقي 88 من مواطني كوريا الشمالية أقاربهم في الجنوب في عملية لم شمل منفصلة في المنتجع نفسه، بحسب وزارة التوحيد الكورية الجنوبية.

وستجري عمليات لم الشمل المؤقت في الفترة من 20 حتى 26 أغسطس (آب)، ويشكل من هم في الثمانينات من العمر أكثر من نصف المشاركين، بحسب الوزارة. وهذه أول عملية لم شمل منذ ثلاث سنوات. وتفرّق الملايين من أفراد العائلات خلال النزاع الذي رسخ تقسيم الكوريتين، اللتين لا تزالان في حالة حرب.

وتوفي معظم هؤلاء من دون أن يُتاح لهم رؤية أقاربهم أو سماع أخبارهم على الجانب الآخر من الحدود، إذ يحظر على مواطني البلدين القيام بأي اتصال مع الجانب الآخر. ولم يتبق سوى نحو 57 ألف شخص على قيد الحياة ممن سجلوا أسماءهم مع الصليب الأحمر الكوري الجنوب للقاء أقاربهم.