كشفت دراسة جديدة أن بروتينات تخثر الدم تساعد في التنبؤ بـ"ضباب الدماغ"، إذ أفاد العديد من الأشخاص الذين يعانون من مرض كوفيد طويل الأمد - وهي حالة تستمر فيها المشكلات الصحية بعد أشهر من الإصابة- أنهم يعانون من "ضباب الدماغ"، وهفوات متكررة في الذاكرة والتركيز، تجعل من الصعب العمل في الحياة اليومية.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه المشاكل المعرفية يمكن أن تنجم عن جلطات الدم الناجمة عن العدوى، ربما من خلال آليات مثل تلك التي تسبب بعض أنواع الخرف. وتترك هذه الجلطات بصمات بروتينية واضحة في الدم، ما يشير إلى أن اختبارها يمكن أن يساعد في التنبؤ بكوفيد طويل الأمد وتشخيصه وربما حتى علاجه.
تشير النتائج، التي نُشرت في مجلة Nature Medicine، إلى أن اختبارات الدم الحالية للكشف عن هذه البروتينات يمكن أن تساعد الأطباء في التعرف على فيروس كورونا الطويل (على الرغم من أن بعض الخبراء يحذرون من أن أعراض وأسباب فيروس كورونا الطويل من المحتمل أن تختلف بين الأفراد). ما يصل إلى 15% من الأشخاص الذين يصابون بـ SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لمرض كوفيد، تستمر أعراض كوفيد الطويلة التي قد تستمر لأشهر أو سنوات. وقد ثبت صعوبة علاج هذه الحالة - أو حتى تشخيصها - بسبب مزيج من الأعراض المبلغ عنها مثل ضباب الدماغ، والتعب، ومشاكل الجهاز التنفسي والعديد من التأثيرات الأخرى. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الفيروس يتواجد في الجسم أم أن العدوى الأولية تؤدي إلى رد فعل آخر، مثل استجابة المناعة الذاتية، التي تؤدي إلى استمرار الأعراض.
وتابع مؤلف الدراسة الرئيسي والطبيب النفسي ماكسيم تاكيه من جامعة أكسفورد أكثر من 1800 شخص في المملكة المتحدة تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب كوفيد بين عامي 2020 و2021. وفحص تاكيه وزملاؤه المرضى بعد ستة و12 شهرًا، لمراقبة أي أعراض طويلة الأمد ومنحهم اختبارًا إدراكيًا مصممًا لتشخيص الاضطرابات مثل مرض الزهايمر.
وعندما فحص الباحثون اختبارات الدم التي تم إجراؤها أثناء دخول المرضى إلى المستشفى، وجدوا أن الدم المأخوذ من الأشخاص الذين ظل لديهم ضباب في الدماغ بعد ستة أو 12 شهرًا من الإصابة يميل إلى أن يكون لديه مستويات مرتفعة من واحد على الأقل من اثنين من البروتينات في دمائهم. يتم إنتاج البروتين الأول، المسمى D-dimer، عندما تتحلل جلطات الدم في الجسم. على الرغم من أن المرضى الذين لديهم مستويات عالية من D-dimer أبلغوا عن مشاكل في الذاكرة، إلا أنهم لم يسجلوا درجات أقل في الاختبارات المعرفية. ومع ذلك، كانوا أكثر عرضة للإصابة بضيق التنفس والتعب من المرضى الآخرين.
ويشتبه تاكيت في أن هذه التأثيرات قد تكون ناجمة عن جلطات الدم في الرئتين، والتي يمكن أن تؤدي أيضًا إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الدماغ.
أما البروتين الثاني، وهو الفيبرينوجين، فيتم إنتاجه في الكبد ويؤدي إلى توقف النزيف عن طريق التجلط. ولم يبلغ المرضى الذين لديهم مستويات مرتفعة من الفيبرينوجين أثناء عدوى فيروس كورونا النشطة عن ضعف الذاكرة فحسب، بل سجلوا أيضًا نتائج سيئة في الاختبار المعرفي. في المتوسط، سجل الأشخاص في هذه المجموعة أقل من 86.7% بعد ستة أشهر من الإصابة، وهي نتيجة اختبار يمكن أن تشير إلى الخرف.
يقول تاكيت إن هذه النتائج تشير إلى أن الفيبرينوجين تسبب في حدوث جلطات دموية في الدماغ أو أن الجلطات في أماكن أخرى من الجسم أثرت على الدماغ، ما تسبب في أعراض معرفية أكثر خطورة.