ما زالت وفاة الشاعر نزار قباني، تطارد الكاتب السعودي حمد الماجد، مدير المركز الإسلامي بلندن سابقاً، حتى بعد مرور 20 عاماً على الحادثة، حيث أدت فبركة صحافية بالصفحة الأولى من إحدى الصحف أن عدداً من المتشددين قد أحدثوا ضجة واعترضوا على الصلاة على الجنازة، وكادوا يقذفون بها خارج المركز الإسلامي.
في حين أشار تقرير لصحيفة لبنانية إلى أن غازي القصيبي قد تدخل حينها وأثمر تدخله عن حل وسط، منعاً لتفاقم الأمر، ويقضي بالصلاة على الجثمان عند باب المسجد داخل حرمه، بينما وقف الناس حوله امتداداً إلى باحة المسجد.
وحول حقيقة الحادثة، وما حدث يومها، أوضح الماجد لـ "العربية.نت" قائلاً: "ما زالت أجاهد حتى أوضح حقيقة ما حدث في ذلك اليوم كلما أثير الموضوع، فالفبركة التي أثارت الضجة، وتوضيحي لم يحظ بنفس الاهتمام من الصحيفة التي نشرت الخبر".
وقال إن أحداث ذلك اليوم أصبحت فبركات وروايات كاذبة ترددها بعض وسائل الإعلام، دون تحقق من صحتها. وأضاف: "خمسة آلاف مصلٍّ، ومعهم عشرات من السفراء والدبلوماسيين العرب، يتقدمهم السفير المتيم بنزار قباني الدكتور غازي القصيبي، سفير السعودية في لندن آنذاك صلوا الجنازة، وأنا لم أفاوض في هذا الشأن لا متشدداً ولا متفلتاً".
وتذكر الماجد القصة: "أحضرت الجنازة في ضحى يوم الجمعة، ووضعت في الجانب الأيمن من المسجد، وادعة ساكنة هادئة حتى صلى عليها المسلمون، وكانت الأمور ستجري طبيعية 100% لولا أن شاباً قام في الناس متحدثا بعد الفراغ من صلاة الجمعة وقبل صلاة الجنازة، وقال بلغة هادئة إن هذه الجنازة للشاعر نزار قباني الذي ينسب إليه في شعره سخرية بالدين وشعائره، ولهذا لا يجوز أن يصلى عليه، فاعترضه مصلون آخرون".
وتابع: "حينها تدخل الإمام بسرعة وهو في محرابه وفض النقاش بحكمة لافتة، وقال: إننا سنصلي على الجنازة فمن أحب أن يصلي معنا فأهلا به ومن لا يرغب في الصلاة عليه فلينصرف مشكوراً، فصلى عليه الأغلبية الساحقة.
وأوضح الماجد بقوله: "إن ابنة نزار قباني الكبرى، وكانت تتشح بالسواد، قد دخلت عليّ في مكتبي في المركز الإسلامي قبيل الصلاة واستأذنتني أن تتقبل وأسرتها عزاء المعزين داخل قاعة الصلاة بالمسجد، فقلت لها إن هذا لا يمكن لعدة اعتبارات منها المحافظة على أمنكم وسلامتكم، وقلت لها: إننا في المركز لا نملك إلا رجلي أمن فقط، ويصعب أمام مصلين بالألوف أن يحميكم رجلان، وإن أصررتم على تقبل العزاء داخل المصلى فهذا قد يتسبب في مشكلة خطيرة وأنا لن أتحمل أية مسؤولية، فردت علي بلغة غاضبة وقالت: لو كان أبي حيا لهجاكم أيها المتشددون، وبطبيعة الحال لم يكن المجال مناسباً للجدل خاصة أنها مكلومة ومفجوعة بموت أبيها، وإلا لأخبرتها أن هؤلاء المتشددين الذين حشرتني معهم في صولة غضب وحزن، يعتبرون أن المسجد المركزي مسجد ضرار فلا يجيزون الصلاة معنا ولا خلف أئمتنا".