جاءت عودة تنظيم داعش بقوة إلى آخر جيوبه في دير الزور، ضمن حرب استنزاف، كشفت هشاشة الوضع العسكري لقوات سوريا الديمقراطية، التي لم تستطع الصمود في غياب الإسناد الأميركي، بحسب ما صرحت مصادر.

وخلال هجمات مباغتة منذ الجمعة وحتى فجر الأحد، استعاد التنظيم المتطرف كافة المناطق التي تقدمت فيها قوات سوريا الديمقراطية في جيب هجين، ما أسفر عن مقتل 68 عنصرا من القوات المدعومة أميركيا، بينهم قيادي، فيما أصيب نحو 100 آخرين.

وقوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، هي الحليف الرئيسي على الأرض للولايات المتحدة وشركائها في التحالف.

وخلال العامين الماضيين، ساهمت هذه القوات في طرد مسلحي داعش، من جميع المدن والبلدات تقريبا التي سيطر عليها التنظيم في سوريا.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية في الوقت الحالي، على مساحة من الأراضي في شمال سوريا وشرقها، وهي أكبر جزء من البلاد خارج سيطرة الحكومة السورية.

استنزاف

ويظهر هجوم داعش، الذي استغل عاصفة رملية من أجل اختراق المنطقة، الحشد الكبير الذي أعده التنظيم، من أجل هذا الهجوم المباغت، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسم مجلس سوريا الديمقراطية، أمجد عثمان، لموقع "سكاي نيوز عربية".

وأوضح عثمان، أن التنظيم بدأ "حرب استنزاف استخدم فيها كل أوراقه من أجل إعادة نفسه إلى المشهد الميداني"، لكنه أكد في الوقت ذاته، على تصميم قوات سوريا الديمقراطية على دحر داعش.

وتخللت الهجمات تفجيرات انتحارية بالأحزمة الناسفة، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي كشف أن الهجوم "أجبر قوات سوريا الديمقراطية على الانسحاب من مواقع عدة قرب الحدود العراقية".

واتهم عثمان "أطرافا لها علاقة بالملف السوري" دون أن يسمها، باستثمار وجود التنظيم الإرهابي، قائلا: "يستفيدون من حالة الفوضى التي يحدثها داعش من أجل خلط الأوراق لصالح أجندات معينة".

مسؤولية أميركية

واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي، صبحي ناظم توفيق، أن مسؤولية واضحة تقع على عاتق الأميركيين، الذين لم يسرعوا في دعم القوات المتحالفة معهم في المنطقة، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى واستيلاء التنظيم المتطرف على المنطقة.

وقال: "الأميركيون تأخروا كثيرا في إسناد قوات سوريا الديمقراطية بشكل غير مبرر".

وتدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية بالعتاد والتدريب، مما جعلها رأس حربة لواشنطن في القتال ضد تنظيم داعش في سوريا.

وكان طيران التحالف الدولي، قد شن قبل أسبوع غارات على معقل داعش الأخير، متزامنا مع هجوم بري على الأرض لقوات سوريا الديمقراطية، مما أسفر عن مقتل 35 عنصرا في التنظيم.

استرخاء

ورغم ذلك، أشار توفيق أيضا إلى حالة من "الاسترخاء العسكري" كانت وراء الارتباك في التعامل مع المفاجأة التي أحدثها الهجوم".

وأوضح، أن الأطراف العسكرية في سوريا، باتت أكثر ترقبا لنتائج المباحثات السياسية للقوى الدولية المؤثرة بشأن مستقبل البلاد.

وجاء استعادة داعش للمنطقة غداة مؤتمر رباعي في إسطنبول، بين روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، من أجل رسم المرحلة السياسية المقبلة في سوريا.

ويثير الموقف العسكري لقوات سوريا الديمقراطية التساؤلات بشأن استعدادها الميداني لدحر التنظيم المتطرف.

وأفاد المرصد السوري، أن عملية لإعادة رص الصفوف تجري من قبل قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي لشن هجوم مضاد خلال الأيام المقبلة.

هدف مالي؟

وإلى جانب تأكيد وجوده على الأرض السورية، برز هدف "مالي" من عودة داعش إلى المنطقة بهذا الهجوم النوعي، بحسب توفيق.

وتقع المنطقة على مقربة من حقل عمر النفطي، أكبر حقول النفط في سوريا، وهو ما يعد "هدفا ثمينا في حد ذاته بالنسبة لتنظيم فقد كل مصادر تمويله".

وأطلقت قوات سوريا الديمقراطية في 10 سبتمبر، المرحلة الأخيرة من هجومها الهادف إلى طرد تنظيم داعش من شرق سوريا، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.