أفاد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بسرقة معلومات عسكرية سرية، بما في ذلك خطط الصواريخ وبيانات صيانة السفن، من المتعاقدين الذين يعملون لحساب البحرية الأمريكية من قبل المتسللين المرتبطين بالصين، وبحسب ما ورد فقد تعرض المتعهدون العاملون مع البحرية الأمريكية لسلسلة من الخروقات خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، فيما أمر ريتشارد سبنسر Richard Spencer، وزير البحرية الأمريكية بمراجعة تهديدات ونقاط ضعف الأمن السيبراني، مما سلط الضوء على ما وصفه بعض المسؤولين بأنه من أكثر الحملات السيئة على الإنترنت المرتبطة ببكين.

وكتب وزير البحرية في مذكرة داخلية في شهر أكتوبر/تشرين الأول: "الهجمات على شبكاتنا ليست جديدة، لكن محاولات سرقة المعلومات المهمة تتزايد من حيث الشدة والرقي. يجب أن نتصرف بشكل حاسم لفهم طبيعة هذه الهجمات بشكل كامل وكيفية منع المزيد من فقدان المعلومات العسكرية الحيوية"، كما يقال إن الاختراقات استهدفت مختبرات الأبحاث العسكرية في الجامعات، وقال المسؤولون إن المصادر والعلامات المميزة جعلت من الواضح أن الصين تقف وراء الهجمات.

وتأتي عملية المراجعة في أعقاب تقارير عن سرقة خطط سرية لصاروخ مضاد للسفن أسرع من الصوت تستخدمه الغواصات، وقد سرقت خطط الصاروخ في شهر يونيو/حزيران أثناء هجوم القرصنة على مقاول في مركز الحرب البحرية الأمريكية في رود آيلاند، حيث سرق الهاكرز خلال شهر يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط ما يصل إلى 614 جيجابايت من البيانات المصنفة بأنها حساسة للغاية المخزنة على شبكة الحواسيب من قبل مقاول متعاقد مع وزارة الدفاع.

وتضمنت البيانات حينها معلومات حول مشروع يعرف باسم "تنين البحر" Sea Dragon، وهو جزء من مبادرة وزارة الدفاع الأمريكية لتكييف التقنيات العسكرية الأمريكية الحالية للتطبيقات الجديدة، حيث جرى وصف المشروع، الذي كلف أكثر من 300 مليون دولار منذ عام 2015، على أنه سلاح ذو قدرة هجومية تخريبية يعمل على دمج نظام سلاح قائم مع منصة بحرية قائمة، وكان من المقرر أن يبدأ اختباره تحت الماء في شهر سبتمبر/أيلول.

ولم تربط حكومة الولايات المتحدة الصين بشكل قاطع بهجمات القرصنة، لكن التقرير قال إن بعض البرمجيات الخبيثة قد تم التحكم بها بواسطة حاسب متواجد في مقاطعة هاينان الصينية، كما استخدم المتسللون أيضًا أدوات قرصنة استخدمتها في الماضي مجموعات القرصنة التابعة للصين، وقد ربط خبراء الأمن السيبراني الهجمات على البحرية الأمريكية بمجموعة صينية للقرصنة تسمى Temp.Periscope أو Leviathan.

ومن المعروف أن هذه المجموعة تستخدم هجمات التصيد الاحتيالي عبر البريد الإلكتروني، والتي تسعى للحصول على معلومات تسجيل الدخول باستخدام رسائل البريد الإلكتروني المضللة ومواقع الويب المزيفة، وغالبًا ما يستهدف المتسللون المقاولين والموردين بدلًا من المنظمات العسكرية الأساسية لأن المقاولين هم أكثر عرضة لوجود ضعف لديهم فيما يتعلق بدفاعات الأمن السيبراني.

وتسلط عمليات الاختراق الضوء على الإخفاقات المستمرة التي تواجهها الحكومة الأمريكية، ليس فقط فيما يتعلق بالدفاع عن نفسها ضد الاختراقات، بل في جعل المتعاقدين قادرين على الحفاظ على البيانات الحساسة، إذ قالت شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin، وهي واحدة من أكبر شركات مقاولات الدفاع في العالم، في عام 2011 أن أنظمة الحواسيب الخاصة بها قد تم اختراقها من قبل المتسللين.

واضطرت الشركة إلى استبدال 45 ألف رمز أمان بعد استغلال المتسللين لضعف في أجهزة الحواسيب من أجل الوصول إلى شبكة لوكهيد مارتن الداخلية، فيما تعرضت شركة Booz Allen Hamilton المتعاقدة مع وزارة الدفاع في العام الماضي إلى مشاكل تتعلق بتركها ملفات حساسة تابعة لوزارة الدفاع على خادم أمازون بدون حماية بكلمة مرور، في حين ترك مقاول آخر مليارات من مشاركات منصات التواصل الإجتماعي المجموعة من قبل وزارة الدفاع على خادم غير محمي.

وتسعى الصين جاهدة لتعزيز قدراتها القتالية البحرية، وهناك دليل على أنها تعتمد على التكنولوجيا المسروقة للقيام بذلك، ولا يتعلق الأمر بالبحرية الأمريكية فقط، إذ أخبر الأدميرال فيليب ديفيدسون Philip Davidson، رئيس القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ، لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في شهر أبريل/نيسان أن بكين تسرق التكنولوجيا في كل مجال تقريبًا وتحاول استخدامه لصالحها.

ويعتقد أن الصين كانت وراء العديد من انتهاكات الأمن السيبراني التي سهلت سرقة كميات كبيرة من البيانات الخاصة بطائرات F-22 و F-35، بين الطائرات الأخرى، ويشتبه في أن هذه المعلومات لعبت دوراً في تطوير المقاتلات الصينية من الجيل الخامس، فيما تنفي بكين أنها تمارس أي شكل من أشكال التجسس السيبراني.

وقال روب جويس Rob Joyce، المسؤول في وكالة الأمن القومي NSA، خلال وقت سابق من هذا الأسبوع إن نشاط القرصنة الصينية في تزايد في الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، كما اقترح أن الجهات الفاعلة الصينية تستعد لرفع هجمات التجسس وسرقة الملكية الفكرية إلى درجة استهداف البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الرعاية الصحية والطاقة والنقل والتمويل، ويشكك بعض المسئولين الأمريكيين في أن الصين كانت وراء اختراق فنادق ماريوت، والتي كشفت بدورها عن المعلومات الشخصية لما يصل إلى 500 مليون شخص.