الساعات القليلة الماضية، أطل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي حمل راية تغيير بلاده، بروح التنوير، عبر "فوكس نيوز" الأمريكية، ليؤكد بوضوح وموضوعية شديدين بأن؛ السعودية باتت أعظم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، وأن وتيرة التقدم مستمرة بسرعة أعلى، ولن تتوقف أو تهدأ ليوم واحد.
بين لقاء ولي العهد بالإعلاميين مطلع عام 2016 للتعريف بالرؤية ومقابلته عشية أمس، نحو سبع أعوام، أدرك معها شعبه والعالم، أن السعودية باتت ورشة عمل تنموية ضخمة، لا تكاد تهدأ وتيرة أعمالها، فما إن تعلن إنجاز مشروع نوعي حتى تنخرط في آخر، في تصميم لافت لارتياد المستقبل عبر نوافذ العمل.
فقد ضاعفت المملكة اهتمامها لتكون في عهدة المستقبل، فمنذ 2016 حتى اللحظة الراهنة، أشعلت الرياض قناديل الضياء، في مفاصل البلاد، فصنعت لحظة تاريخية على الأرجح في عمر شعبها والمنطقة، بفضل مشروع رؤية 2030 التنموي، وبرامجه التنفيذية.
وما دفع ولي العهد الذي من آياته أنه يغمر بلاده بالضوء، للتعريف بأن المملكة أعظم قصة نجاح، ما حققه في سنوات قصيرة، ليطرح سؤال مفاده؛ كيف أصبحت السعودية، صاحبة القصة المغرية لعناوين نشرات الأخبار، وكبريات الصحف، فالإجابة تتلخص بـالشغف، وتمكين الإنسان، فحينما نتصفح رؤية 2030 سنجد أنها بدأت بالإنسان وإليه تنتهي.
فالرؤية التي تعد أساس قصة التغير، منحت تشريعات عدلية تكفل حق الإنسان وتصون كرامته، وترسي أسس عدلية تضمن تعزيز النزاهة، إذ صاغت أنظمة على غرار نظام الأحوال الشخصية، ونظام المعاملات المدنية، والعقوبات التعزيرية، ونظام الإثبات.
وأسهمت في ضخ الأموال في اقتصاد المملكة، لتنال أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين، وأعلى معدل نمو وطني منذ 2011، فيما قفزت إيراداتها غير النفطية بواقع 13% في الربع الثاني من العام الجاري، على أساس سنوي.
ولم تغفل الرؤية ملف الاستثمار الأجنبي المباشر، نظراً إلى إسهامه في ملف النمو الاقتصادي، إذ ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو 10.7%، في الربع الثالث من العام 2022، ما يدلل انعكاس ثقة المستثمرين الأجانب بمتانة اقتصاد المملكة.
وفي الإطار الاقتصادي، أطلقت المملكة استراتيجية وطنية للصناعة، ستضاعف صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بـ10 أضعاف، إذ ستعزز قوة السعودية الصناعية، وتزيد قدرتها في تأمين سلاسل الإمداد العالمية.
واستثمرت الرؤية الفرص المالية كافة، عبر ذراعها الاستثماري صندوق الاستثمارات العامة، فاستطاعت إطلاق استراتيجية وطنية للألعاب الإلكترونية، من المتوقع أن تسهم بــ"50 مليار ريال" في الناتج المحلي الإجمالي، بواقع أكثر من 39 ألف فرصة وظيفية، وأكثر من 30 ألف لعبة منافسة عالمية ستنتجها المملكة ما يعني تحولها إلى قوة فاعلة في القطاع الجديد.
ولم يقف طموح المملكة عند الاستثمار في شركات عالمية لتصنيع السيارات الكهربائية، بل واصلت سعيها بخلق قدرات وطنية لتطلق علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، ستسهم بـ 30 مليار في الناتج المحلي الإجمالي، واستحداث 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
وكفلت قصة النجاح التي أشار إليها ولي العهد حق مشاركة المرأة في سوق العمل، حتى بات معدل مشاركتهن الاقتصادية للإناث بنحو 36% في العام الماضي، فضلاً عن إن مقدار مشاركتها في القطاع الصناعي زاد إلى 93% خلال الأعوام الماضية.
ولأن الرؤية ركيزتها الانتقال نحو اقتصاد المعرفة، فإن تمكين البحث والابتكار يعد أولوية رئيسة، إذ سيسهم الاهتمام فيها بالقطاع ذاته، بإضافة 60 مليار ريال في الاقتصاد الوطني، وهو الأمر الذي ذهبت السعودية نحوه باستحداث هيئة معنية بملف البحث العلمي.
وقد دعمت جزء من برامج الرؤية التنفيذية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ما نتج عنه خلق فرص وظيفية، إذ بلغت نسبة نمو تلك المنشآت في القطاع الصناعي مثلاً بنحو 22%، حسب التقرير السنوي لرؤية 2030، لعام 2022.
وللمكان قيمة وفلسفة خاصة في رؤية 2030، لذا كفلت الاهتمام بالأماكن التراثية، والحضارية، إذ جعلت المملكة من "العلا" أهم مزار في الشرق الأوسط، وباتت تستهدف استقبال أكثر من مليون سائح للسعودية وخارجها.
وحظيت المشروعات ذات الصبغة الطبيعية على غرار البحر الأحمر بأهمية خاصة في قلب الرؤية، إذ تعد وجهة سياحية لافتة فيما يقام في المشروع ذاته، عدداً من الجزر، والمواقع الجبلية، والشواطئ.
وبالحديث عن المكان، فإنه لا يمكن تجاوز المشروع الخلاّق "نيوم" التي توصف بمدينة الحالمين، ومناطقها الأربعة، ستصبح مجتمعاً مدعوماً بالمواهب في ظل قطاعاتها المتعددة.
ومن خلال كل ما سبق؛ يمكن النظر إلى أن المملكة العربية السعودية، لم تعد دولةً برغم ما تملك من ثقلٍ ديني وسياسي واقتصادي واجتماعي، إنما نبراساً ومثالاً عالمياً، سكن في نفوس العديد من الشعوب والمجتمعات، وباتت أمنيةً كبرى لهم، لتتحول دولهم إلى ما يمكن أن يشبه هذا الوطن، الذي بمجمل القول، لا يشبهه أي وطن.