تكتسي منطقة جازان ابتداءً من الغد، رداءً من بياض الفل الذي تشتهر المنطقة بزراعته منذ القدم، لكنه تحول في الأعوام الأخيرة إلى مهرجان تطغى مظاهره على المشهد، حيث يبدأ سكان المنطقة وزوارها في ارتداء العقود المزينة بحبات الفل، التي يتفنن الباعة في نظمها بطرق متعددة، ومنها طريقة عقد "الرصاص"، الذي أخذ اسمه من تراص الحبات جنباً إلى جنب بطريقة عمودية، وعقد "الكبش" وهو أسطواني الشكل يختلف طوله وحجمه تبعاً لطلب الزبون، إضافة للمسابح والمصر وغيرها.
هذا العام، ستحتضن محافظة أبوعريش، مهرجان الفل والنباتات العطرية 2023م، الذي ينظمه فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بجازان، ويسمى أيضاً "الياسمين العربي" واسمه العلمي " Jasminum sambac"، وهو عبارة عن شجيرة معمرة مستديمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى مترين، وأزهارها بيضاء ناصعة مجتمعة في القمة تظهر في الربيع وحتى نهاية الخريف، ومعدل نموها بطيء نسبياً، يكاد يتوقف خلال فصل الشتاء، وموطنه بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط والجزيرة العربية والهند والصين وغيرها.
وتوسع الأهالي في زراعة أشجار الفل والعناية بها حتى بلغ عدد مزارعها بالمنطقة 948 مزرعة منتجة تحوي 35000 شتلة، وبلغ ما تنتجه هذه المزارع من الفل سنوياً 525 طناً، فضلاً عن "ردائم الفل" التي لا تكاد تخلو منها مداخل وأفنية المنازل في عادة توارثها الأهالي منذ مئات السنين.
وليس المزارعون فقط في جازان من يزرعون "ردائم الفل" بل إن السيدات يحرصن على زراعة أشجار الفل في مداخل المنازل وحدائقه بما يزيد من جمال المنزل ويسهم في بث رائحته العطرية بأجواء المنزل وداخل أسواره.
وتختلف أسعار الفل في فصلي الصيف والشتاء؛ إذ تتراوح أسعار عقد الفُل المبروم بين 250 إلى 500 ريال، وأسعار عقد المسابح خمسة ريالات للحبة الواحدة، وعقد الرصاص من 15 إلى 20 ريالاً، وتستخدم كهدايا في الأفراح والمناسبات، ويتم وضعها من قبل الشبان والفتيات في الأعناق؛ كونها زينة جميلة تفوح برائحة العطر الطبيعي الفريد، كما يضعه البعض زينة لمجالس البيوت والسيارات الخاصة، أو تضعه السيدات والفتيات على خصلات الشعر.
وأولت وزارة البيئة والمياه والزراعة ممثلة في فرعها بالمنطقة، اهتماماً كبيراً بزراعة "الفل" من خلال سعيها لإنشاء ست مدنٍ زراعية للفُل في محافظات المنطقة لإحداث نقلة نوعية في مجال زراعتها والانتقال من مرحلة الزراعة والتسويق التقليدي إلى مرحلة التصنيع والتصدير المحلي والخارجي؛ نظراً لما يتوافر بالمنطقة من مقومات أساسية للزراعة، حيث خصوبة التربة والمناخ المناسب لزراعته، فضلاً عن تنظيم المهرجان السنوي برعاية أمير المنطقة.
ووفقاً للمدير العام لفرع الوزارة بالمنطقة المهندس محمد بن علي آل عطيف، فإن تنظيم المهرجان يسعى إلى تقديم مجموعة من البرامج التي تدعم زراعة الفل والنباتات العطرية بالمنطقة، خصوصاً في مجال الإرشاد الزراعي لدعم المزارعين واستخدام التقنيات الزراعية التي تضمن النجاح والاستمرارية؛ وصولاً إلى الريادة والنتائج الإيجابية، مؤكداً أهمية استغلال المهرجان للعمل على إنشاء الصناعات الجديدة المرتبطة بمنتج الفل والنباتات العطرية الأخرى، مثل إنتاج ماء الورد الطائفي في محافظة الطائف، بحيث يسهم في استثماره بصفته منتجاً عطرياً مناسباً للاستهلاك المحلي والخارجي.
**carousel[316140,316141,316142,316143,316145,316146,316147,316148,316149,316150,316151,316152]**