ضرب المعلم السعودي أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص بل والتضحية من أجل نجاح وتميز طلابه، ولأجل ذلك هو يحظى بتقدير الدولة وإشادة وإعجاب المجتمع.. وفي يومهم العالمي نستذكر مواقف وإنجازات عديدة لمعلمين ومعلمات سعوديات جسدوا هذه المعاني لنعبر لهم عن عظيم الشكر والامتنان.
وخصصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" الخامس من أكتوبر من كل عام ليكون يوم المعلم العالمي؛ إحياءً لذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين؛ وتضع هذه التوصية مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق المعلمين ومسؤولياتهم، ومعايير إعدادهم الأوليّ وتدريبهم اللاحق، وحشدهم، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم.
واليوم تحتفي المملكة، ممثلة في وزارة التعليم وإدارات التعليم بالمناطق والمحافظات، باليوم العالمي للمعلم؛ بهدف إبراز دور المعلمين وتعزيز مكانتهم في نفوس الطلاب والطالبات، وتأكيد دورهم في بناء الأجيال المساهمة في حفظ أمن الوطن واستقراره وتنميته.
تقدير المعلم جاء من مجلس الوزراء ذاته؛ الذي أعرب خلال جلسته المنصرمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن تقديره لجهود المعلمين والمعلمات، ودورهم التربوي في بناء الأجيال، وتكوين مجتمع يسهم في تنمية الحاضر ويصنع مستقبلاً زاهراً للوطن.
أفضل معلم خليجي
حصد المعلم بإدارة تعليم حائل الدكتور سلطان بن سليمان العنزي، مؤخراً، المركز الأول في جائزة الشيخ محمد بن زايد لأفضل معلم خليجي 2023، بعد ابتكاره مبادرة نوعية وتاريخية في دولة النيجر تحت عنوان "الانتقال السريع" لتحسين التجربة التعليمية بهذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا وتنمية مهارات البرمجة والتفكير الإبداعي والتصميم ثلاثي الأبعاد وتحسين نواتج التعليم من خلال البرامج التقنية كالواقع الافتراضي والواقع المعزز.
أول متحف للتعليم
لشغفه الشديد بالتعليم، تنقَّل المعلم علي المبيريك بين مناطق ومحافظات المملكة على مدى 25 عاماً، ليجمع نحو 6 آلاف قطعة تعليمية تراثية، شكلت متحفه الذي أنشأه في منزله وسمّاه "متحف قديم التعليم للتراث"، وهو الأول من نوعه بالسعودية، يضم بين جنباته وثائق وأدوات ووسائل وسجلات وصوراً توثق تاريخ تطور التعليم في المملكة، وأصبح وجهة الباحثين والمهتمين.
ويقول المبيريك بحسب "الجزيرة نت": "سافرت في أرجاء المملكة، وحضرت مزادات تراثية، وتجولت في الأسواق، وزرت المدارس القديمة وكبار السن لتجميع تلك القطع".
ومن بين ما يحتويه المتحف محبرة خشبية محلية الصنع عمرها 70 عاماً، ووكالة شرعية لاستلام شهادة طالب، ووثيقة خبر قديم عن فقدان قلم.
الوفاء للوطن
كان المعلم عبيد النفيعي يعمل على غرس الانتماء للوطن في نفوس طلابه عندما عمد في يوم التأسيس 2023 إلى تحويل سبورة الفصل المدرسي للوحة فنية تتضمن نصاً أدبياً حماسياً ومجسماً للإمام محمد بن سعود ممتطياً جواده ومتوشحاً سيفه ورافعاً راية الدولة السعودية الأولى، في إشارة لخوضه غمار المعارك في سبيل تأسيس الدولة السعودية.
وقال النفيعي وفقاً لـ"العربية نت": إن "العمل يأتي ضمن مجموعة من الأعمال الفنية والمنفذة داخل الفصول الدراسية، والتي أحبها الطلاب والمعلمون والمتابعون عبر حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي".
معلم الأيتام
وهب المعلم سعد بن مبارك الفديد نفسه لتعليم الأيتام في إحدى الجمعيات الخيرية بمحافظة رفحاء بالحدود الشمالية، شغفاً بمهنة التدريس ووفاءً لهؤلاء الأيتام الذين حال عدم وجود عائلهم دون انتظامهم في مقاعد الدراسة.
تُوفي الفديد في أبريل الماضي وحرص وزير التعليم يوسف الثنيان على تقديم واجب العزاء لأهله، تقديراً لهذا المعلم الذي أفنى معظم حياته في تعليم النشء وتهيئتهم للمستقبل.
إنقاذ حياة طالب
عبَّر المجتمع المحيط به عن تقديره واندهاشه في الوقت ذاته، من موقفه مع أحد طلابه بالمرحلة المتوسطة، إذ قرر المعلم حسن مجربي إنهاء معاناة ذلك الطالب من الفشل الكلوي والتبرع له بكليته، فزار والد الطالب في منزله عدة مرات وأخبره بنيته مصرّاً عليه أن يلبي رغبته، وبالفعل خضع للفحوصات المخبرية اللازمة وأُجريت العملية وتكللت بالنجاح، وعاد الطالب لحياته الصحية بين زملائه وأقرانه في حجرة الدراسة.
ارتبط طلابها الأطفال بها، فهي حريصة على القرب منهم، ولما تعرض الطفل "هتّان" بإحدى مدارس تعليم تبوك للاختناق جراء ابتلاعه قطعة معدنية (ريالاً سعودياً) هرع نحو معلمته غادة البلوي، وهو يمسك برقبته ووجهه محمر ثم سقط مغشياً عليه، فقامت المعلمة بعمل الإسعافات الأولية اللازمة بالضغط على قفصه الصدري حتى خرجت القطعة المعدنية من فمه وفُتح مجرى التنفس.
معلم حتى النفس الأخير
أنهى المعلم بمدرسة تميم الداري بمكة المكرمة، بندر بن عبدالعزيز خوج، تمارين الطابور الصباحي، ودخل مع طلابه الصالة الرياضية في الحصة الأولى، وأثناء تأدية التمارين الرياضية للطلاب سقط فجأة حيث تعرض لجلطة قلبية ونُقل للمستشفى حيث لفظ هناك أنفاسه الأخيرة.
المعلم الذي تُوفي عن عمر 47 عاماً ضرب أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص في أداء عمله بجد ليلقى الله وهو يؤدي رسالته السامية.
النهاية نفسها كانت مصير المعلمة شيخة عبدالعزيز المواش، التي تعرضت لنوبة قلبية أثناء الحصة الدراسية بإحدى المدارس الثانوية بحي السويدي في العاصمة الرياض في أكتوبر 2021، وعبّرت الطالبات الوفيات لمعلمتهن عن صدمتهن وحزنهن على رحيل المعلمة التي أخلصت في تدرسيها لهن حتى آخر لحظة من عمرها.
وعشية احتفالها مع زملائها وزميلاتها بيومهم العالمي، صعدت روح المعلمة عائشة بنت ضحوي العنزي إلى بارئها، داخل الفصل الدراسي في مدرسة 31 الابتدائية في عرعر، لتواصل كتابة أسمى آيات التفاني والإخلاص والتضحية التي يحرص عليها المعلم السعودي بين جدران مدرسته.
وتقديراً لتفانيها في عملها وتضحيتها؛ وجّه أمير منطقة الحدود الشمالية، الأمير فيصل بن خالد بن سلطان، أمس (الأربعاء)، إدارة التعليم بالمنطقة بإطلاق اسم المعلمة الراحلة على قاعة التدريب في الإدارة النسائية التابعة لتعليم عرعر.
**carousel[318910,318911,318912,318913,318914]**