أعلنت وزارة الآثار المصرية، أمس، عن اكتشاف جزء من جبانة أثرية تعود إلى عصر الدولة القديمة، في الجزء الجنوبي الشرقي لمنطقة آثار الهرم بمحافظة الجيزة، تخص كهنة الملك خفرع.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في مؤتمر صحافي، أمس، في موقع الكشف الأثري: «حفائر البعثة المصرية التي بدأت في أغسطس (آب) عام 2018 عثرت على مقبرة مزدوجة تخص شخصين من الأسرة الخامسة شغلا عدة مناصب في عهد الملك خفرع»، مشيراً إلى أن «الجبانة المكتشَفة تضم عدداً من آبار الدفن والمقابر، ويعود تاريخ أقدم مقبرة بها إلى عصر الأسرة الخامسة، نحو 2500 سنة قبل الميلاد، وهي مقبرة من الحجر الجيري».
وقال وزيري إن «المقبرة تضم بابين وهميين؛ الأول لشخص يدعى بحنوي كا، عاش في أواخر الأسرة الخامسة، وتضم تمثالاً مزدوجاً لصاحب المقبرة وزوجته وابنه»، موضحاً أن «بحنوي كا حمل سبعة ألقاب من بينها كبير القضاة، والمشرف على المجموعة الهرمية للملك خفرع، والكاهن المطهر، وكاهن الإلهة ماعت».
وتابع وزيري أن «الباب الوهمي الثاني يخص شخص يدعى نوي، وحمل 5 ألقاب من بينها كبير القضاة في المحكمة المقدسة، والكاهن المطهر للمجموعة الهرمية لخفرع».
وأشار وزيري إلى أن «البابين الوهميين في المقبرة مصنوعان من الحجر الجيري، الذي كان يحتاج اقتطاعه إلى إذن من الملك»، لافتاً إلى أن «المقبرة المكتشَفة هي جزء من منطقة تاري، وكان متوقعاً أن تكون امتداداً طبيعياً لمقابر العمال بناة الأهرام، لكننا عثرنا بها على مقبرة مختلفة يبلغ عمرها نحو 4400 سنة».
ولفت وزيري إلى أن «الحفائر ستستمر في المنطقة لمدة 3 سنوات، ومن المتوقع الكشف عن مقابر جديدة».
«الشرق الأوسط» زارت موقع الكشف الجديد ودخلت 3 مقابر ضمت اثنتان منها عدداً من التوابيت الخشبية الملونة، والثالثة كانت من الحجر الجيري وتخص بحنوي كا ونوي، ومن بين الألقاب التي حملها بحنوي كا «لقب مطهر الملك خفرع، والملك سركاف، والملك ني وسررع، وكاهن الملك نفراير كارع، وكاهن المعبودة ماعت، وأكبر القضاة سناً في قاعة المحاكمة»، بينما حمل نوي ألقاباً من بينها «رئيس المقاطعة الكبيرة، والمشرف على المستوطنات الجديدة، ومطهر الملك خفرع».
وقال أشرف محيي، مدير منطقة آثار الهرم، لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة تضم تابوتاً من أجمل التوابيت المكتشَفة في المنطقة، يتميز بنقوشه الجميلة، وبوجود تابوتين بعضهما داخل بعض، وبداخلهما مومياء بحالة جيدة من الحفظ»، مشيراً إلى أن «الجبانة أعيد استخدامها في العصر المتأخر، بداية من القرن السابع قبل الميلاد، وعثر بها على مجموعة من التوابيت الخشبية بأشكال آدمية، ملونة ويضم بعضها شريطاً طولياً باللغة الهيروغليفية يجسد بعض النقوش الدينية».
ولفت الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصرية، إلى «كثرة الاكتشافات الأثرية في الفترة الأخيرة»، وقال إن «الاكتشافات زادت بعض الشيء، والإضافة هي أننا أصبحنا نلقي الضوء عليها إعلامياً بدلاً من تركها حصرية للمختصين».
وأوضح أن «كل اكتشاف له فائدة علمية ويوضح حقيقة ومعلومة أثرية جديدة تفيد المختصين في العمل الأثري وعلم المصريات، لكن قد لا يكون لجميع الاكتشافات تأثير سياحي، فهدفنا هو حماية الآثار والكشف عنها، والترويج جزء ثانوي من أهدافنا».
من جانبه قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في المؤتمر الصحافي، إنه «عمل في منطقة الأهرام واكتشف أهم اكتشاف في القرن العشرين، وهو مقابر العمال بناة الأهرامات، والذي يثبت أن المصريين هم من بنوا الأهرامات وأنهم لم يكونوا عبيداً».
وأشاروا إلى أنه «كان يتوقع أن تمتد مقابر العمال حتى النقطة موقع الكشف 30% من آثارها».
وأضاف حواس أن «الاكتشافات الأثرية تعد دعاية ضخمة لمصر، وتبين الإيجابيات في مصر للعالم ومدى قوتها الثقافية»، مشيراً إلى أن «مقابر العمال بناة الأهرام اكتُشفت بالمصادفة بعد تعثر حافر حصان سيدة أميركية في المنطقة، وعثرنا بها على مقابر العمال ومساكنهم، ومنطقة إعاشة بها مخبز ومنطقة تجفيف أسماك».
وتابع حواس أن «متوسط أعمار العمال بلغ 30 إلى 35 سنة، وكان من بينهم رجال وسيدات، وجميعهم كان لديهم آثار تقوّس في العمود الفقري نتيجة العمل في بناء الأهرامات».
وكذلك أعلن حواس، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر العلمي الخامس بتوت عنخ آمون، أمس، عن أن «وزارة الآثار المصرية تعتزم نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط في موكب كبير قريباً»، مشيراً إلى أنه «يجري الآن أعمال حفائر بمنطقة وادي القرود بمحافظة الأقصر، وسيتم الإعلان عن تفاصيل الحفائر والكشف الأثري في سبتمبر (أيلول) المقبل».
وعلى هامش الكشف تجدد الجدل حول ترميم تمثال رمسيس الثاني بالأقصر، الذي كُشف الستار عنه في أبريل (نيسان) الماضي، احتفالاً بيوم التراث العالمي، وأثار الجدل بين الأثريين اعتراضاً على طريقة ترميمه، وعلى اختلال مناسيب اليدين والجسد، وقال الدكتور العناني، في تصريحات صحافية، إن «التمثال في موضعه الصحيح، وهو على الهيئة الأوزيرية، حيث إن قدمي التمثال وُجدتا ملتصقتين إحداهما بجانب الأخرى».
وأضاف العناني أن «وجود تمثال بالوضع الأوزيري في واجهة معبد الأقصر أمر غريب ويحتاج إلى بحث علمي لمعرفة سبب وجود مثل هذا التمثال، وينطبق الأمر على التمثال الأول بواجهة المعبد الذي يحمل التاج الأبيض وليس التاج المزدوج، وهذه كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات علمية».