دخلت قبل سنوات، ما يعرف بـ"الصحافة الورقية"، بحالة وفاةٍ سريرية، وأخذت تصارع أمواج النقص المادي في التمويل؛ والأهم، مواجهة "التقدم التكنولوجي"، الذي عصف بها، وأرجعها إلى آخر قوائم الاهتمام.
وربما يقود ذلك للعودة إلى الوراء عشرات السنين، ليجد المتابع، أن ما يحدث مع "الصحافة الورقية" حالياً، أشبه بما حدث مع الراديو "المذياع"، الذي قيل وقتها، إن التلفاز قد قضى عليه ونحره من الوريد إلى الوريد؛ إلا أن الإذاعة لا تزال تتمتع بإقبال كبير من المتابعة، حتى هذا اليوم.
لكن "الصحافة الورقية" لها قصة مختلفة، كونها متشعبة إلى حدٍّ ما، وترتبط بعدة عوامل، أهمها المال، وآخرها المنافس الجديد، أو ما يعرف بـ"السوشال ميديا" الجديدة، التي أكلت الأخضر واليابس، من حيث الإعلان وعوائده المادية، التي تعيش عليها منذ عقود، الصحف الورقية، ليس في المملكة فحسب، بل في أرجاء المعمورة.
وفي السنوات الأخيرة، أخذت عدة صحف سعودية مساراً إلى جانب الطريق، نظير ما تعانيه من عدم إقبال من القارئ، الذي تحول إلى حبيسٍ للتقنية والتطور، وانصراف الكوادر العاملة، نتيجة توقف العوائد المالية عنهم.
وعلى هذا الأساس، يجد عمر الشدي رئيس تحرير صحيفة "اليوم" السعودية، أن الظرف الزمني، هو ما يفرض إطار السير على الصحف، فهو المتحكم بعنصر الإعلان، الذي تتغذى عليه، وليس العكس.
وخلال مداخلة له مع "أخبار24"، يجزم الشدي بضرورة مواكبة الصحف الورقية للعصر، ويقصد هنا دخولها عالم "الديجيتال"، إلى جانب احتفاظها بهويتها الأساسية.
ويمضي للقول: "كل زمن له ظروفه. هناك إعلانات في الجانب الورقي من الصحف. وهذا يُحتم أن تكون مداخيلنا أعلى من الديجيتال، بل إن هناك تحسنا نابعا من وجود البعض، ممن يحرصون على الإعلان في الجانب الورقي. وهناك بالمقابل من يحرص على جانب الديجيتال. المهم أن نستفيد من الجانبين. علينا أن نستوعب أن الظروف الآن والحياة الجديدة، تنصب من ناحية الاهتمام على السوشال ميديا ومنصاتها".
أما أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور محمد الحيزان، فيرى خلال مداخلة له مع "أخبار24"؛ أن غياب الصحف الورقية عن نقاط البيع أمر واقعي لمن يواكبون العصر، ويحرصون على القراءة عبر منصات السوشال ميديا، وغير واقعي للجانب الآخر من المتابعين، الذين يحرصون على "الأسلوب القديم" والتقليدي – يقصد الورقي -.
وحتى الشارع السعودية له رأيٌ فيما يتعلق بالصحف الورقية وما آل له مصيرها؛ إذ يتمسك مقبل الشمري، وهو موظف في مقتبل العمر، على قراءة الصحف الورقية، في أسلوب يروق له، على حساب التصفح الإلكتروني.
ولأم وليد – موظفة – قصة مقاربه مع الشمري، إلا أنها تختلف في التفاصيل، وهي التي ارتبطت بالصحف الورقية كل صباح وعلى مدى سنين، إلى أن حضر "إكس"، وتحول ذلك التصفح من ورقي إلى الهاتف الجوال.
ويبدي محمد عبد الله خلال لقاء مع "أخبار24"، تململه من الورق، الذي يعتبره أسلوباً أكل عليه الدهر وشرب؛ ولا مناص من التحول إلى التكنولوجيا، التي غيرت حياة الإنسان رأساً على عقب، ولم يقتصر الأمر على قراءة الصحف فحسب.