حدد وزير الصحة فهد الجلاجل، منتصف العام المقبل، موعداً لتطبيق "التأمين الوطني"، وهو تأمين ممول من الدولة ليس له تجديد سنوي، إذ يستمر مدى الحياة، كما أنه ليس له سقف محدد، ولا يتطلب موافقات مسبقة،  وأن التجمعات الصحية تعد هي شبكات تقديم الخدمة، وسيكون لكل مواطن شبكة.

وأضاف في المنتدى المصاحب لملتقى الصحة العالمي بالرياض، أن الهدف من التأمين الوطني هو الدفع باتجاه صحة الفرد طوال مراحل حياته، من خلال إبقاء المواطن بصحة وسلامة ويصل لعمر الثمانين وهو بكامل اللياقة الصحية والبدنية ويمشي ويركض ويمارس حياته بشكل طبيعي.

وأعلن وزير الصحة خلال مخاطبته الملتقى، إطلاق المركز السعودي للعلاج بالبروتون، والذي يعتمد تقنية متقدمة جدًا وواعدة، تمنح الأمل للمرضى، وهو المركز الأول من نوعه في المنطقة.

وأوضح أن هذا المركز سيسهم بشكل كبير في تعزيز السياحة العلاجية بالمملكة، وسيستقبل أول مريض قبل نهاية هذا العام في مدينة الملك فهد الطبية بالتجمع الطبي الثاني.

وتوقع زيادة حجم مساهمة القطاع الصحي في الناتج المحلي من 199 مليار ريال إلى 318 مليار في 2030، حيث ستكون مساهمة القطاع الخاص منه 145 مليار ريال، مما يبرز الدور المحوري للتكامل والشراكة مع القطاع الخاص في المرحلة القادمة، داعيا الجميع للاستثمار في هذه الفرص الواعدة بالقطاع الصحي والتي يصل إجمالي حجمها إلى 330 مليار ريال حتى عام 2030. 

وقال إن متوسط عمر الفرد في المملكة ارتفع إلى 77.6 عاما، متجاوزا مستهدفات عام 2022، حيث كان المتوسط في عام 2016 لا يتجاوز 74 عاما.

وأشار إلى أن معدل وفيات حوادث الطرق كان 28 شخصا لكل 100 ألف من السكان، أما اليوم فقد انخفض إلى النصف ليصل إلى 14 شخصا لكل 100 ألف من السكان، مضيفا أن مؤشر نسبة الوفيات المبكرة الناتجة من الأمراض المزمنة (الضغط والسكر والسمنة وغيرها) يصل إلى قرابة 600 شخص لكل 100 ألف من السكان، أما اليوم فقد انخفضت إلى نحو 500 لكل 100 ألف شخص.

ووأبان أن متوسط نسبة تغطية الخدمات الصحية بالمناطق كان لا يتجاوز 81% أما اليوم فقد تم تجاوز مستهدف 2022، لتصبح النسبة 94%، مؤكداً أن رؤية 2030 غيرت مجريات الأمور في المنظومة الصحية، ووضعت الأمور في نصابها الصحيح، واستعرض بعضا من مخرجات رؤية المملكة في الصحة والمراكز التي تم إنشاؤها في مجال الصحة، والتي كان لها دور كبير في مواجهة جائحة "كورونا".

وأضاف أن التحديات كبيرة أمامنا ولكننا ماضون بعزم، في الإمداد والتموين والأجهزة الطبية والأدوية، مشيرا إلى أن الخطة تستهدف توطين الصناعة في المملكة.

وذكر أن الوزارة تعمل مع صندوق الاستثمارات العامة بدراسة جاهزية طرح شركة "نبكو" في السوق المالية، مشيرا إلى إنشاء شركة "لين" لتقديم الحلول الصحية الرقمية، والتي لعبت دورا مهما خلال الجائحة من خلال عدة تطبيقات من بينها "صحتي".

ولفت إلى أنهم الآن على مشارف الانتهاء من المرحلة الأولى لتأسيس التجمعات الصحية بجميع مناطق المملكة، التي ستكتمل بنهاية هذه السنة، لتبدأ المرحلة الثانية حيث ستنتقل تلك التجمعات بشكل متدرج إلى شركة "الصحة القابضة"، لتتحول بعدها وزارة الصحة لتصبح المخطط والمنظم للقطاع الصحي.

من جهته، أبان وزير الاستثمار خالد الفالح في كلمته بالملتقى، أن المملكة تنفق 15% من ميزانيتها على القطاع الصحي ونستهدف زيادة الاستثمار في تعليم وتطوير الموارد البشرية، مؤكداً أنه مهما دخلت التقنية والروبوتات يظل القطاع الصحي يعتمد بشكل كبير على مستوى المهارات سواء مهارات الأطباء وعناصر التمريض وغيرهم.

توطين صناعة الإنسولين

وعلى هامش الملتقى، أبرمت كلٌ من الشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية (نوبكو)، وشركة سدير للأدوية، وشركة سانوفي، أول اتفاقية أولية لتوطين الأنسولين في المملكة.

وستُنفذ الاتفاقية التي جاءت بالشراكة مع هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية "إكسبرو"؛ من خلال تفعيل أسلوب التعاقد لأجل توطين الصناعة ونقل المعرفة؛ والذي يسهم في تعظيم الاستفادة من القوة الشرائية الحكومية والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في عدد من المنتجات والقطاعات ذات الأولوية، حيث تستهدف توطين صناعة بعض منتجات الأنسولين.

وتسعى الاتفاقية إلى تعزيز جهود المنظومة الحكومية، ممثلةً بوزارات الصحة والصناعة والثروة المعدنية والاستثمار، حيال توطين الصناعة الطبية والدوائية، وبما يسهم في تحقيق الأمن الدوائي والصحي في المملكة، مع تعزيز ريادة المملكة في الصناعة الطبية والدوائية بما يتواكب مع الاحتياجات والمتطلبات الدوائية فيها، والإسهام في تنمية المحتوى المحلي في مجال الصناعات الدوائية.

ويمثل توطين الصناعات الدوائية أولوية قصوى لدى منظومة القطاع الصحي بالمملكة، في سياق برنامج تحول القطاع الصحي ضمن رؤية المملكة 2030؛ سعيًا نحو مواجهة تحديات الصحة العامة ومنها مرض السكري، من خلال العديد من المبادرات النوعية التي تسهم في تعزيز الصحة الوقائية وتحقيق "وطن ينبض بالصحة"، ويتوافق مع جهود منظومة الصناعة والثروة المعدنية في توطين الصناعات ذات الأولوية، وما تقوم به لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية، ولجنة توطين وتطوير العلاجات التي تحقق الأمن الصحي والدوائي.

وفي هذا السياق، أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف، أن الوزارة تستهدف توطين 80 إلى 90% من احتياجات المملكة من الإنسولين، مشيراً إلى حرص الوزارة على جذب الاستثمارات النوعية في قطاع الأدوية والرعاية الصحية والتصدير إلى الأسواق الخارجية.

وكشف، خلال مشاركته في ملتقى الصحة العالمي، أن لجنة توطين وتطوير العلاجات؛ استقبلت منذ إنشائها أكثر من 1000 مستحضر دوائي من عدة جهات مثل وزارة الصحة والهيئة العامة للغذاء والدواء وغيرهما، وتم حصر أكثر من 200 علاج ذي أولوية تشكل ما يقارب 40% من إجمالي مشتريات الجهات الصحية الحكومية التي تقارب 14 مليار ريال، ويتم العمل حاليا على توطين بعض هذه الأدوية.

وبيّن أن لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية جاءت لتكون مكملة للجنة توطين وتطوير العلاجات، وتضم عدداً من الوزراء وأصحاب المصلحة، وتعمل على دراسة وتوطين عدد من المستحضرات الدوائية الحيوية تشمل اللقاحات، والإنسولين، ومنتجات مشتقات البلازما، والأدوية والمشابهات الحيوية التي ستتجاوز نسبة التوطين فيها وفق الإستراتيجيات المعدة أكثر من 70%.

وأضاف أن نظام المحتوى المحلي أسهم في تمكين القطاع ، وجرى خلال الـ 18 شهر الماضية توقيع أكثر من 11 اتفاقية توطين، كما تم من خلال برنامج "صنع في السعودية" إطلاق أول جهاز قلب صنع في المملكة.

وأشار وزير الصناعة والثروة المعدنية إلى أن عدد مصانع الأدوية المسجلة بالمملكة بلغت 84 باستثمارات تقارب 7 مليارات ريال، فيما بلغ عدد مصانع الأجهزة والمعدات الطبية المرخصة 148 مصنعًا باستثمارات إجمالية تقارب الـ3.1 مليارات ريال، مبينًا أن مدينة سدير للصناعة والأعمال ستكون الأهم في صناعة الأدوية وأجهزة المعدات الطبية بالمملكة.

وأكد أن الوزارة تعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الرعاية الصحية في المملكة، إضافةً لزيادة نسبة المحتوى المحلي في مجال الرعاية الصحية، وزيادة صادرات الصناعات الدوائية التي بلغت حتى الآن قرابة 1.5 مليار ريال.

تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الذي ينعقد تحت شعار "استثمر في الصحة"، يهدف إلى استعراض الفرص الاستثمارية والتجارب النوعية للتحول الذي يشهده القطاع الصحي بالمملكة، وأحدث الاكتشافات والتقنيات والابتكارات والتجارب الطبية المختلفة في مجال الرعاية الصحية العالمية، ويضم الملتقى إطلاقات واتفاقيات استثمارية ضخمة، ومئات الفرص الاستثمارية نحو تعزيز الاستثمار المحلي والدولي في القطاع الصحي، وخصوصاً في ظل ما يشهده الاستثمار في القطاع الصحي في المملكة من نمو متسارع وفرص ضخمة وواعدة.