تتطلع الأنظار اليوم (السبت)، إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث يجتمع القادة العرب في قمة غير عادية، بدعوة من المملكة العربية السعودية، رئيس الدورة الـ32 لمجلس الجامعة العربية.
هذه هي القمة الـ14 في تاريخ القمم العربية الطارئة وغير العادية، التي ارتبط انعقادها بأحداث وتحولات وأزمات ملحّة، لا سيما ما يرتبط بقضايا الأمن والاستقرار والتعاون الدولي، لكن محورها كان ولا يزال القضية الفلسطينية.
منذ قمة أنشاص في عام 1946؛ قمة تأسيس الجامعة العربية، ومروراً بسبع قمم طارئة، من خليج العالم العربي إلى محيطه، وصولاً إلى قمة الغد؛ ظل الملف الفلسطيني حاضراً على قائمة الأولويات العربية.
تسع قمم طارئة من أصل 14 قمة على مدى ستة عقود، حضرت فيها القضية الفلسطينية بقوة، رغم تعدد القضايا التي ناقشتها تلك القمم وحساسيتها، ففي قمة تأسيس الجامعة العربية، كان موضوع المقاومة لنَيْل الاستقلال هاجساً كبيراً لدى الشعوب العربية، ومع ذلك لم تنسَ تلك الشعوب نفسها التي كانت تناضل لضمان استقلالها، الشعب الفلسطيني الذي كانت الهجرات اليهودية إلى أرضه تتواصل.
وفي الدار البيضاء، كان الوجه المروع للحرب العراقية الإيرانية هو دافع الانعقاد، لكن الانتهاكات الإسرائيلية لم تغب عن طاولة القمة ومخرجاتها، التي كان أبرزها رفض الإرهاب الإسرائيلي داخل الأراضي العربية المحتلة وخارجها.
وهكذا، تواصل قضية العرب والمسلمين الأولى على أجندة القادة العرب، فكانت عنواناً للوحدة، والتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، ومنصة لمتابعة القضايا العاجلة؛ واتخاذ قرارات سريعة وإجراءات فورية للتعامل مع الأزمات، كما كانت ولا تزال عنواناً عريضاً لحمل هم الشعب الفلسطيني، وحراسة قضيته، وصيانة حقوقه المشروعة؛ فكان إعلان الدعم الكامل للانتفاضة الفلسطينية، وإنشاء صندوق باسم "انتفاضة القدس" للإنفاق على عوائل وأسر شهداء الانتفاضة، وإنشاء صندوق آخر باسم "صندوق الأقصى" لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس، والسعي إلى نيل الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية، ودعم مبادرة السلام العربية التي أصبحت مرجعية دولية لإحلال السلام في الأراضي المحتلة.
وفي هذا السياق التاريخي المهم، تنعقد قمة الغد، التي تأتي وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السعودية؛ استشعارًا من المملكة لدورها القيادي على المستوى العربي والدولي في التعامل مع أزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة الفلسطينية، بهدف تنسيق الجهود والمواقف العربية الرامية لوقف التصعيد العسكري في غزة.
كما تأتي القمة، تأكيدًا للموقف العربي الثابت تجاه إدانة الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تقوّض حل الأزمة الفلسطينية، وتقويض فرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، إضافة إلى دعوة مجلس الأمن والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لمواجهة العدوان الإسرائيلي من خلال الشرعية الدولية، في ضوء حالة عجزها الحالية عن التعامل مع الأزمة.
المملكة أكدت أن قمة الرياض فرصة لتعزيز دعوة الدولِ العربيةِ، الدولَ الغربيةَ لنبذ ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضية الفلسطينية، وهو نداء رددته المملكة مراراً في الآونة الأخيرة بنبرة مباشرة صارمة متبرمةفاض بها الكيل؛ تارة من عجز المنظومة الدولية وتخاذلها، وتارة أخرى من هذا الميزان الحقوقي المعطوب، الذي تزن به دول الغرب أوجاع الأبرياء حسب أهوائها أو وفق انتماءاتهم!