أدان قادة وحكومات الدول الأعضاء بالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرائم الحرب والانتهاكات والمجازر الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري خلاله، وضد الشعب الفلسطيني في الصفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
كما رفض القادة في القرار الجماعي الصادر عن القمة العربية الإسلامية المشتركة التي استضافتها العاصمة الرياض اليوم، توصيف هذه الحرب الانتقامية بأنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.
وشدد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أمينَيْ عامَّيْ جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، على أن هذه القمة بما تضمه من 57 دولة عربية وإسلامية تؤكد أن خلف القضية الفلسطينية ثقلا ودعما كبيرين، ورفض بن فرحان أي حديث عن مستقبل غزة بينما القطاع يُدمر، مؤكداً أن المستقبل الوحيد هو وقف إطلاق النار فوراً.
وأشار الأمير فيصل إلى أن القمة خلصت إلى تشكيل لجنة لإيصال الموقف العربي والإسلامي للمجتمع الدولي، وهي تضم في عضويتها دولتان بمجموعة العشرين، وهما المملكة العربية السعودية وإندونيسيا.
وكشف عن تكليف المملكة باسم جميع الدول الأعضاء لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ إن ثمة تأكيدا عربيا وإسلاميا على أهمية حقوق الشعب الفلسطيني، مضيفاً أن السلام هو الهدف المنشود للدول العربية والإسلامية، و"نحن ننادي بالسلام والطرف الآخر هو مَن يتجنب الحديث عن السلام".
وأكد القرار على كسر الحصار المفروض على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري.
ودعمت الدول العربية والإسلامية كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكافٍ.
وطالب القادة المجتمعون في الرياض، مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، كما طالبوا جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر لسلطات الاحتلال التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته.
ونص القرار على مطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري يدين تدمير إسرائيل الهمجي للمستشفيات في قطاع غزة، ومنع إدخال الدواء والغذاء والوقود إليه، وقطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، باعتبار هذه الأعمال عقاباً جماعياً يمثل جريمة حرب، وضرورة أن يفرض القرار على إسرائيل التزام القوانين الدولية، وإلغاء إجراءاتها الوحشية بشكل فوري، والتأكيد على ضرورة رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ سنوات على قطاع غزة.
وطالب قادة دول وحكومات منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية؛ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وتكليف أمانتي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بمتابعة تنفيذ ذلك.
وأشار القرار الصادر عن القمة العربية والإسلامية المشتركة إلى إنشاء وحدتي رصد قانونيتين متخصصتين لتوثق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، على أن تقدم الوحدة تقريرها بعد 15 يوماً لعرضها على وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، وبعد ذلك بشكل شهري. كما نص القرار على إنشاء وحدتي رصد إعلامية توثق كل جرائم سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومنصات إعلامية رقمية تنشرها وتعرّي ممارساتها اللاشرعية واللاإنسانية.
وكلّف القادة وزراء خارجية كل من: السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأية دول أخرى مهتمة، والأمينين العامين للمنظمتين؛ ببدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادّة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.
وفي السياق ذاته، دان القرار الصادر عن القمة الاستثنائية، تهجير نحو مليون ونصف فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، باعتبار ذلك جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وملحقها لعام 1977، ودعوة الدول الأطراف في الاتفاقية لاتخاذ قرار جماعي يدينها ويرفضها، وكذلك الرفض الكامل والتصدي الجماعي لأية محاولات للنقل الجبري أو التهجير القسري أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية بما في ذلك القدس، أو خارج أراضيه لأي وجهة أخرى، باعتبار ذلك خطًا أحمر وجريمة حرب.
كما استنكر البيان الختامي ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، والتحذير من أن هذه الازدواجية تقوض بشكل خطير صدقية الدول التي تحصن إسرائيل من القانون الدولي وتضعها فوقه، وصدقية العمل متعدد الأطراف وتعري انتقائية تطبيق منظومة القيم الإنسانية، والتأكيد أن مواقف الدول العربية والإسلامية ستتأثر بالمعايير المزدوجة التي تؤدي إلى صدع بين الحضارات والثقافات.
وعبر القرار عن إدانة قتل المدنيين واستهدافهم، والتأكيد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات فورية لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين واستهدافهم، وبما يؤكد أنه لا فرق على الإطلاق بين حياة وحياة أو تمييز على الجنسية أو العرق أو الدين، والتأكيد على ضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمدنيين، وإدانة الجرائم البغيضة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الاستعماري بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين، ووقف جرائم القتل التي ترتكبها قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين وجرائمهم في الضفة الغربية وجميع الاعتداءات على المسجد الأقصى وكل المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وشدد القرار على ضرورة وقف الإجراءات التي تكرّس الاحتلال، لا سيما بناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة أراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات، وأن المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 ألف متر مربع هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية هي الجهة الشرعية الحصرية صاحبة الاختصاص بإدارته.
وأدانت القمة التصريحات العنصرية والمتطرفة لوزراء في حكومة الاحتلال، بما فيها تهديد أحد هؤلاء الوزراء باستخدام السلاح النووي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واعتبارها تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، كما دانوا قتل الصحفيين والأطفال والنساء واستهداف المسعفين، واستخدام الفوسفور الأبيض المحرم دوليًا في الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وأكد القادة العرب والمسلمون على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعوة الفصائل والقوى الفلسطينية للتوحد تحت مظلتها، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في ظل شراكة وطنية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
وأعادوا التمسك بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها وأولوياتها، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط، وأن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد القرار على أن عدم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على مدى أكثر من 75 عامًا، وعدم التصدي لجرائم الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي وسياساته الممنهجة لتقويض حل الدولتين، ودعم بعض الأطراف غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي وحمايته من المساءلة؛ هو ما أدى إلى تدهور الوضع بصورة خطيرة.
ورفض القرار أي أطروحات لفصل غزة عن الضفة الغربية والقدس، والتأكيد على أن أي مقاربة مستقبلية لغزة يجب أن تكون في سياق العمل على حل شامل يضمن وحدة غزة والضفة أرضاً للدولة الفلسطينية المستقبلية.
ودعا القرار لعقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن، تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية وفق القرارات الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، ضمن إطار زمني محدد وبضمانات دولية، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان المحتل ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا وحراج بلدة الماري اللبنانية وتنفيذ حل الدولتين.
واختُتم القرار بتفعيل شبكة الأمان المالية والعربية والإسلامية؛ لتوفير المساهمات المالية والدعم المالي والاقتصادي والإنساني لحكومة دولة فلسطين ووكالة الأونروا، والتأكيد على ضرورة حشد الشركاء الدوليين لإعادة إعمار غزة والتخفيف من آثار الدمار الشامل للعدوان الإسرائيلي فور وقفه.
**carousel[332148,332220]**