أشارت مصادر صحية متعدّدة إلى ارتفاع كبير في عدد الذين يعانون من مرض السكري في المملكة، مبينةً أن حوالي 13.4% من السعوديين مصابون بالمرض الذي بدأ في الانتشار بمعدلات أكبر خلال السنوات الأخيرة.. وفعّلت وزارة الصحة اليوم العالمي لمرضى السكري الذي يوافق 14 نوفمبر من كل عام، عبر تكثيف الحملات التوعوية وإطلاق العديد من الخطط والبرامج للرعاية والوقاية.
وعزا رئيس منظمة التيقظ الدوائي في الشرق الأوسط وعضو لجنة الأخطاء الدوائية في منظمة الصحة العالمية، الدكتور ثامر الشمري، في تصريحات صحفية بوقت سابق، ارتفاع نسب الإصابة بالمرض في السعودية إلى سوء التغذية، وعدم ممارسة تمارين رياضية، وانتشار محلات الوجبات السريعة، التي أسهمت في انتشار السمنة المفرطة بين أفراد المجتمع.
وقدر الشمري عدد المصابين بالسكري في المملكة بحوالي 3.7 مليون شخص، مطالبا بتضافر الجهود لمكافحة الداء الذي أصبح هاجساً لدى الكثير من الناس حول العالم عموماً والمملكة على وجه الخصوص، حيث تؤكد مصادر مسؤولة أنه يكلّف الاقتصاد الوطني حوالي 15% من إجمالي موازنة الصحة في المملكة.
الجهل بالمرض
من جانبه، كشف استشاري السكري والغدد الصماء بمدينة الملك فهد الطبية، الدكتور سعد الزهراني، أن أعداد المصابين بالمرض الذي يسميه الأطباء "القاتل الصامت" في تزايد متصل، داعيا جميع الموطنين إلى الحرص على إجراء الفحوصات الطبية بانتظام، مشيراً إلى أن المعرفة الكاملة بتفاصيل المرض وأسباب الإصابة به وعناصر الوقاية تعد من المعلومات الأساسية التي يجب على كل شخص الإلمام بها. كما أوضح أن نصف المصابين بالمرض لا يعلمون بإصابتهم، لافتاً إلى أن عدد مراجعي عيادات السكري في مدينة الملك فهد الطبية يبلغ ما يقارب 500 مريض شهرياً.
السمنة والخمول
وكانت إحصاءات وزارة الصحة السعودية لعام 2020 قد كشفت أن معدلات السمنة بين السعوديين وصلت نحو 59%؛ منهم 28.7% تخطوا الوزن وأصبحوا بدناء فعلياً، و31% يعانون زيادة في الوزن وذلك في الفئة العمرية من 15 عاماً فما فوق، مشيرة إلى أن زيادة الوزن تعتبر أبرز مسببات المرض، لا سيما أن 60% من السعوديين لا يمارسون أي نشاط رياضي. أما منظمة الصحة العالمية فقد أكدت في تقريرها أن المملكة هي الأعلى في العالم من حيث الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني المرتبط بالسمنة بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وفي هذا السياق، يؤكد مختصون أن ممارسة أي نشاط بدني معتدل مثل المشي السريع بمعدل 150 دقيقة فقط في الأسبوع كافٍ لتجنب الخمول البدني والإصابة بالسمنة.
وفيما أشارت تقارير حديثة إلى أن كلفة علاج مرض السكري ومضاعفاته السنوية بالمملكة تزيد على 4 مليارات ريال يتم صرفها لعلاج المرضى الذين تبلغ النسبة ممن هم فوق سن الثلاثين من أعمارهم من مجمل العدد الكلي للسكان نحو 24%.
جهود حكومية للوقاية والرعاية
وأنجزت الدولة ضمن جهودها للحفاظ على صحة المواطنين العديد من الخطط والبرامج والحملات للتوعية بالسكري والوقاية منه، كما أنشأت 20 مركزًا متخصصاً وجارٍ العمل حالياً على إنشاء 8 مراكز جديدة في جميع المناطق، فضلاً عن ذلك تم تدشين خطة تنفيذية وطنية ممتدة على 10 سنوات تشتمل على سبعة أهداف، هي الوقاية الأولية والثانوية من مرض السكري (النوع الثاني)، وتقليل معدلات فرص الإصابة بالمرض، وتطوير جودة الخدمات الصحية عبر مستوياتها الثلاثة، وتطوير طرق رصد ومتابعة وتقييم المصابين، وتطوير أدوات البحث والدراسات المتعلقة بالسكري، وتمكين المصابين وعائلاتهم من التحكّم في المرض ومضاعفاته، وتعزيز المشاركة المجتمعية لتحقيق هذا الهدف. وفي ذات السياق تم تدشين البرنامج الوطني للتوعية ضد السكري، والحملة الوطنية لمكافحة المرض التي تضمّنت توزيع أكثر من (400) ألف جهاز فحص للمرضى المسجلين بالمراكز.
أرقام متصاعدة
على الصعيد العالمي، أشارت وزارة الصحة السعودية إلى أن عدد المصابين بالسكري في العالم وصل إلى 537 مليون شخص عام 2021، فيما يتوقع ارتفاع الرقم إلى 643 مليون بحلول عام 2030. في الوقت ذاته تسبّب مرض السكري في وفاة 6,7 مليون شخص في عام 2021.
ولأن نسبة المصابين بالمرض شهدت ارتفاعا متسارعا خلال العشرين سنة الماضية؛ فقد بادرت الأمم المتحدة في 20 ديسمبر إلى اعتماد يوم 14 نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم العالمي لمرضى السكري، وذلك للاعتراف بالحاجة العاجلة لمتابعة الجهود متعددة الأطراف لتشجيع وتحسين الصحة البشرية، ولإتاحة إمكانية الحصول على العلاج والتثقيف في مجال الرعاية الصحية، ويشجع القرار كذلك الدول الأعضاء على وضع سياسات وطنية للوقاية من مرض السكري وعلاج المصابين به ورعايتهم، بما يتماشى مع سبل التنمية المستدامة في نظمها بمجال الرعاية الصحية.
وخصصت منظمة الصحة العالمية "الوصول إلى رعاية مرضى السكري" موضوعاً لليوم العالمي للسكري للمدة من 2021 – 2023؛ إذ لا يزال ملايين المصابين بداء السكري في جميع أنحاء العالم عاجزين عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها؛ فمرضى السكري بحاجة إلى رعاية ودعم مستمرين لإدارة الحالة الصحية وتجنب المضاعفات.
كيفية الوقاية
جدير بالذكر أن السكري هو سبب رئيسي من أسباب الإصابة بأمراض العمى، والفشل الكلوي، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وبتر الأطراف السفلية. إلا أنه بالرغم من ذلك يمكن السيطرة على مرض السكري من النوع 2 ومنع الإصابة به أو تأخيرها، وذلك باتباع نظام غذائي صحي بالتزامن مع نشاط بدني جيد، إضافة إلى الامتناع عن التدخين، كما يوصي الأطباء بتجنب العواقب الوخيمة للمرض أو تأخير ظهورها من خلال الأدوية والفحص المنتظم وعلاج أية مضاعفات.