في مثل هذا اليوم من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للتسامح، الذي تحتفي فيه الأمم والشعوب والمجتمعات بترسيخ قيم وثقافات الاحترام والتآخي ونبذ كل مظاهر التعصب والكراهية والتمييز؛ حيث أصبحت هذه الذكرى التي تتجدد سنوياً، مناسبة هامة للتذكير بأهمية احترام ثقافات ومعتقدات وتقاليد الآخرين، وإدراك المخاطر التي يشكلها التعصب والتهميش ومحاولات الإقصاء.
وقد تبنّت المملكة منذ توحيدها على يد الملك عبد العزيز، رحمه الله، منهج التسامح أساسا للحكم، وشددت على كفالة حقوق الجميع، حيث ظل المعيار الحقيقي للمواطنة هو التفاني في خدمة الوطن والسعي لرفعته، بدون اعتبار لأي عوامل مذهبية أو مناطقية أو عرقية، كما كفل النظام للجميع الحق في التعبير طالما كان ذلك في إطار الثوابت الرئيسية للدولة والمجتمع.
وسارت المملكة طوال تاريخها على هذا النهج الذي يجرّم الكراهية والتهميش وإقصاء الآخر، وعملت على تعزيز الحوار بصفته أداة رئيسية لمواجهة خطاب الكراهية والمدخل الرئيسي لإرساء دولة القانون، وإزالة كافة العناصر التي تؤدي للتمييز بين أبناء الوطن الواحد. لذلك تم إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي ناقش العديد من القضايا الهامة وعقد الكثير من الندوات وجلسات الحوار لتأصيل الأُطر الفكرية التي قامت عليها البلاد.
ولم تقتصر الجهود السعودية على إرساء أدبيات التسامح على صعيدها المحلي فقط، بل عملت على مستوى العالم لتعزيز مفاهيم الحوار ونشر ثقافة التسامح والتصدي لتيارات العنف والتطرف عبر تشجيع التعايش والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة، ويتجلى ذلك في تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، الذي تبنته الأمم المتحدة وصار يعمل تحت مظلتها، ورصدت له الرياض ميزانيات ضخمة أدت إلى قيامه بدور كبير خلال السنوات الماضية وحقق العديد من النجاحات اللافتة.
كما تصدت المملكة لتيارات العنف عبر إنشائها المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، وبادرت للتوقيع على معظم المواثيق والعهود الدولية الخاصة بمحاربة التمييز، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وغيرها من الاتفاقيات الدولية.