من قمة آسيان إلى القمة السعودية الإفريقية، يأتي انعقاد القمة السعودية مع دول رابطة الكاريبي، في سياق حراك سعودي دولي واضح المعالم نحو تعزيز الشراكات مع التكتلات الدولية، فهذه الرابطة تشكل قوة فاعلة في المنظومة الدولية؛ وتلعب دوراً مهماً بتعزيز العمل الجماعي بالتعاون وتحقيق المصالح المشتركة، والدعم المتبادل بالملفات الدولية.

وتسير العلاقة الاقتصادية بين السعودية ودول "الكاريكوم" بخطى متسارعة جداً، فحجم التبادل التجاري تجاوز في 2023، 203 ملايين ريال، وفي يوليو 2022م أقيم منتدى للاستثمار السعودي- الكاريبي في بونتا كانا بجمهورية الدومينيكان، بمشاركة قادة الاستثمار من القطاعين العام والخاص في الجانبين لمناقشة فرص الاستثمار والتطورات في القطاعات الاستثمارية ذات الأولوية.

كما وقّعت وزارة النقل والخدمات اللوجستية مع وزارة السياحة والنقل الدولي في جزيرة باربادوس في نوفمبر 2022، مذكرة تفاهم تتضمن بنوداً تشغيلية خاصة بالنقل الجوي وتعددية تعيين الناقلات الوطنية، إضافة إلى التعاون الثنائي على أساس المنفعة المشتركة والاحترام المتبادل وفقًا للأنظمة والقوانين والتعليمات المعمول بها في البلدين.

وللسعودية - فضلاً عن تعاونها وعلاقاتها الوثيقة مع دول "الكاريكوم" - تاريخ من المساندة والدعم التنموي يمتد إلى أكثر من أربعة عقود، قدمت خلالها المملكة أكثر من 670 مليون دولار لتمويل 12 مشروعًا تنمويًا، كما خصصت الجامعات الحكومية السعودية 294 مقعدًا لطلاب دول "الكاريكوم"، وبلغ عدد العاملين في المملكة ما يقارب 200 موظف وموظفة.

ومجموعة دول الكاريبي كيان دولي تأسس عام 1973 ضم دول منطقة الكاريبي، الـ15 بهدف التكامل الاقتصادي وهي ذات عضوية كاملة، إضافة إلى 5 دول منتسبة، ووفق اتفاقية التأسيس، يرتكز عمل المجموعة على دعائم أساسية لافتة، هي: التكامل الاقتصادي، وتنسيق السياسات الخارجية، والتنمية البشرية والاجتماعية، والأمن.

وعُرفت تلك الدول بأنها جزر صغيرة جميلة يقصدها السياح، ويتميز أهلها بثقافة متفردة وتنوع لافت، لكن في الواقع دول رابطة الكاريبي أو "الكاريكوم" تقدم فوق كل ذلك؛ أنموذجاً فريداً للاتحاد والشراكة بينها؛ وهذا ما يجعل العلاقة معها كتكتل دولي في غاية الأهمية.

ورغم أن دول رابطة الكاريبي تصنف ضمن الاقتصادات الضعيفة، إلا أنها منطقة واعدة، وتفتح القمة التي عقدت اليوم آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار، والتجارة، والسياحة.

هي باختصار السياسة السعودية التي تنظر إلى العلاقات الدولية بعين الشراكة وتبادل المنافع والصداقة التي تتجاوز الأزمات، وتتطلع إلى مستقبل يمتلك فيه الجميع فرصاً متساوية تستثمرها مصالح مشتركة.