تبقى "الشبة"، إحدى أهم المكونات والعادات الاجتماعية القديمة في منطقة الحدود الشمالية، والتي تمثل إرثًا تاريخيًا متجددًا، يجمع الأجيال على صوت النجر والقهوة السعودية وتبادل أطراف الحديث، في أجواء يتخللها القصص والروايات والشعر، وترتبط بمكان يجتمع فيه كبار السن والشباب بين الأقارب والجيران والأصدقاء.
وترتبط "الشبة" في الأساس بالجلسة الشعبية أو التقليدية، والتي تشتهر بأدوات تحضير القهوة المعروفة بـ "المعاميل"، كما أنها ترتبط بطقوس وأعراف خاصة منذ القدم، ما يجعلها أحد رموز الكرم وصلة الأرحام حتى الوقت الحاضر، التي تُبنى عليها القيم والمبادئ الثابتة والاحترام بين الكبير والصغير؛ تأصيلًا لمكون اجتماعي محمود ومحبب عند أفراد المجتمع كافة .
وفي هذا السياق، سلط عدد من المتأثرين بهذا الموروث الضوء على بعض الرمزيات والعادات التاريخية المرتبطة بالشبة، إذ قال محمد العليان: إن الشبات تعد من العادات القديمة والمستمرة حتى الآن في منطقة الحدود الشمالية.
كما ارتبطت الشبة قديمًا بأحد الأعراف التراثية، يتمثل في إعطاء أولوية تقديم القهوة أيام البادية للشخص الكريم والشجاع، بحيث تكون له الأولية في كل شيء .
من جانبه، ذكر عبدالله العطيفي، أن تاريخ الشبات يرتبط أيضًا منذ القدم ببعض الرمزيات والعلامات، مثل "قلب الفنجان"، وهي إشارة إلى أن صاحب الشبة غير موجود لظرف ما، وبإمكان الضيف أن يصبّ القهوة بنفسه دون أي حرج حسب وصفه.
فيما يشير فهد عواد إلى أن الشبة لها معانٍ كبيرة وأصيلة، والبعض يُطلق عليها "المؤنسة "، خاصةً أنها تمثل مكانًا لقضاء وقت ممتع بصحبة الأصدقاء والأقارب والجيران.
وأضاف أن للشبات مواعيد ثابتة، فهناك من يقوم بشبها في الصباح أو بعد صلاة العصر أو بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء يومياً، أو أسبوعيا أو غير ذلك، مبيناً أن ألوان القهوة مختلفة، فهناك من يفضلها بلون أصفر وشقراء أو سوداء .
وأوضح فهد الأسمر أن تلك العادة الجميلة تميز المجتمع وتبرز التكاتف والتراحم، وتحظى بشعبية كبيرة، لدرجة أن الضيوف القادمين من خارج المنطقة تستهويهم هذه العادة .
وأشار خالد سعدون إلى أن طريقة تقديم الشاي تعرف بـ "سوق"، أي تبدأ في توزيعها من اليمين حتى اليسار، بعكس القهوة التي يطلق عليها كلمة "خص"، لارتباطها في أيام البادية بالكريم أو الشجاع، وقد امتد هذا الموروث ليشمل احترام كبير السن وصاحب العلم وغيرهما.
**carousel[334910,334912,334911,334915]**