استندت مدن المملكة على الهيئات الملكية لإيجاد واقع خاص ينهض بها بصورة تفوق الخيال، وهو ما يمكن وصفه بـ"المخطط الاستراتيجي الشامل"، الذي يستوعب جميع العوامل المؤثرة في نموها على المستويات الحضرية والعمرانية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقضايا النقل والإسكان والخدمات والمرافق.

وتلعب الهيئات الملكية دور "رأس الحربة" في تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع التطويرية التي تمتاز بطبيعتها الاستراتيجية وتعدد أهدافها وأبعادها، وكذلك اختلاف متطلبات تنفيذها عبر مراحلها الزمنية المختلفة لتصل في النهاية إلى الرؤية العامة لقيادة المملكة في النهوض بكل مناحي الحياة، حيث يحاول التقرير تسليط الضوء على بعض تلك الهيئات وما تلعبه من دور حيوي في مسألة النهضة الجديدة بالمملكة.

في الرياض تتولى الهيئة الملكية وتشرف على تنفيذ العديد من المشروعات، والتي يأتي في مقدمتها "مشروع المسار الرياضي، ومشروع الرياض آرت، ومشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض، ومشروع الرياض الخضراء، ومشروع حديقة الملك سلمان، وبرنامج التأهيل البيئي لوادي حنيفة وروافده".

ومن بين المشروعات أيضاً "برنامج تطوير الدرعية التاريخية، وبرنامج تطوير حي السفارات، ومشروع جسر تقاطع طريق الملك عبدالله مع طريق الأمير تركي بن عبدالعزيز الأول، وبرنامج تطوير طريق الملك عبدالله، ومشروع تطوير منطقة قصر الحكم، وغيرها من المشروعات الأخرى التي يصعب حصرها من تعددها في كافة المجالات".

يبدو أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا لها طابعها الخاص الذي تشكله تلك المحافظة التاريخية ذات البعد التراثي، فهي تتميز بمناظر طبيعية خلابة ومجموعة من المواقع الأثرية البارزة التي وضعتها في مقدمة المناطق الأكثر تطوراً على مستوى القطاع السياحي، لذا عملت الهيئة على تنفيذ خطة طويلة الأمد لتطوير المحافظة وتحقيق التحول المستدام وتعزيز مكانتها كإحدى الوجهات الأثرية والثقافية المهمة والنهوض بها لاستقبال الزوار من كافة أنحاء العالم.

وتسعى الهيئة إلى تطوير وتنفيذ مبادرات مختلفة للنهوض بقطاعات الآثار والسياحة والثقافة والتعليم والفنون والبيئة في المحافظة تماشيًا مع أهداف رؤية 2030، وهو ما يمكن تلخيصه في الخطوة التي اتخذتها الهيئة بوضع خطواتها الأولى نحو عالم الميتافيريس من خلال ابتكار وجود رقمي لمدينة الحجر التاريخية، التي تعد أول موقع سعودي يدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.

وأما في الجبيل وينبع فإن الهيئة لها دور آخر صناعي واستثماري يقوم على تخطيط وتشجيع الاستثمار وتطوير وإدارة مدن صناعة البتروكيماويات والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة من خلال التركيز والتكامل مع العملاء والمستثمرين والموظفين والمجتمع وبقية الشركاء.

ومن خلال الرؤية التي تقدمها الهيئة فإن الجبيل وينبع هما أفضل خيار للمستثمرين في العديد من المجالات وفي مقدمتها صناعة البتروكيماويات والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، لتعد نفسها من بين المساهمين الرئيسين في النمو بالمملكة.

"نحو مدينة مصممة لتقديم تجربة مميزة من خلال إنتاجية عالية واقتصاد متنوع"، هو شعار ترفعه الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة في تنفيذ الاستراتيجية الخاصة بها والتأكيد على الأهداف التي تسعى إليها، حيث تسعى إلى ذلك من خلال تنويع الاقتصاد ورفع إنتاجيته وتعزيز الشراكات بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع الوقفي، بالإضافة إلى تحفيز مشاركة الشركات الكبرى ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتطوير البنية التحتية والخدمات اللازمة.

وتقوم عملية التطوير للهيئة الملكية في مكة على عنصرين أساسين، هما تطبيق نموذج حوكمة فعال يرفع من كفاءة إدارة المدينة، إلى جانب توفير بيئة ممكنة لتنويع مصادر التمويل للمدينة من خلال زيادة مشاركة القطاع الخاص الربحي وغير الربحي، وهو ما يقوم على عمليات التطوير المستمرة لكل الأنشطة، والتي كان آخرها العمل مع هيئة التراث لوضع برنامج على الأرض لتطوير أبرز المواقع التاريخية والمباني الملكية العمرانية مع تأهيلها لإتاحتِها لزائري مدينة مكة المكرمة.