لا يخفى على أحد الدور الذي قدمه تجار العقيلات؛ أو من يسمون بـ"تجار نجد"، في نقل وتصدير الثقافة السعودية إلى مختلف دول العالم، خلال تجارتهم في بيع الذهب والإبل والخيل والأغنام.
والعقيلات أيضاً، يعرف عنهم " تجارة الإبل"؛ إذ انطلقوا من الأراضي السعودية، لا سيما "نجد والقصيم وحائل"، للمغرب العربي، وبلاد الشام والعراق، وكان لهم الدور الكبير في إثراء تلك الأسواق عبر التاريخ.
وحتى من الجانب الأدبي، فقد أثرى العقيلات من خلال رحلاتهم، المشهد الثقافي والأدبي في العام العربي، إذ كان بينهم عديد من الأدباء، والعلماء، والصحفيين، الذين كان لهم بصمتهم في الحركة الثقافية في الدول المجاورة.
وحتى بالمناسبة، فقد اقتحم تاجر الإبل خليل الرواف، السينما الأمريكية، ليدون اسمه في سجلات التاريخ الحديث، كأول ممثل عربي وسعودي، يدخل قوائم هوليود، ويتنقل للعالمية، الأمر الذي قاده لافتتاح مدرسة لتعليم اللغة العربية، وطباعة الكتب، لتعليمها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وما فتح هذا الملف على مصراعيه، جولة قامت بها "أخبار 24" في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، الذي يحتضن متحفاً للعقيلات، أسسه عبد اللطيف الوهيبي، الذي تحول تاريخ العقيلات داخله إلى شغف، وقرر إصدار كتاب يوثق تاريخهم وأحداثهم، فجمع ما يقارب 3500 صورة للعقيلات، و1000 وثيقة تاريخية، كما جمع 1000 مقتنى من تاريخهم وماضيهم، وحرص على تسجيل كل المقتنيات التي يملكها باسم صاحبها.
الوهيبي فتح قلبه لـ"أخبار24"، ومضى يقول: "شغفي ازداد بهذا التاريخ العريق وأصحابه، فكان كتابي نواة لتأسيس متحفي، الذي يضم أجزاء من تاريخ تلك القبيلة، التي أسست لحراك اقتصادي وثقافي كبير في المنطقة، وهذا ما يدلل عليه، وجود خريطة للدول العربية التي وصلها العقيلات، وركن خاص يوضح علاقة الملك المؤسس عبدالعزيز بالعقيلات، والتي تؤكدها الوثيقة التي يضمها المتحف، واحتوت على طلب الملك المؤسس 500 "ذلول" بأشدتها من العقيلات، والذين بدورهم قاموا بتأمينها وإرسالها لجلالة الملك في الرياض".
ويقول الوهيبي إنه اهتم بتعليم النشء والشباب دلالة الإبل فوضع لوحات تعريفية للتعريف بما يضعه الرحالة قديما على "الذلول" كالشداد وغيرها من المستلزمات.
كما يضم المتحف أركاناً متعددة لشخصيات بارزة من تجار الإبل، من بينهم سليمان الدخيل أول تاجر إبل يؤسس جريدة الحياة والرياض في بغداد، وذلك في عام 1327هـ.
ويستدل الوهيبي بمؤسس نواة الجيش السعودي بأمر من الملك عبدالعزيز آنذاك هو الفريق إبراهيم الطاسان، الذي كان من تجار الإبل، بالإضافة إلى أن من أسس شرطة الرياض بأمر الملك المؤسس، هو تاجرالإبل الشيخ محمد العطيشان.
ويضم المعرض قصائد وأهازيج لشعراء كبار تغنوا في الإبل، ووثائق توضح مصدري الإبل وتجارها في السابق، من بينهم أشخاص لاتتجاوز أعمارهم 12 عاماً.
ويستقبل المتحف زوار مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثامنة الذين قدموا من داخل المملكة وخارجها، وينقل رسالة مفادها أن الإبل وعلى مر العصور، هي جزء أساسي وأصيل من تكوين الإنسان السعودي.