تزخر المملكة بالعديد من المواقع والمعالم الأثرية، التي وثقت العديد من مختلف الحقب التاريخية التي تعاقبت على هذه القطعة من الأرض الغالية، ما صار يشكل جزءاً أصيلاً من هويتها وتراثها التاريخي.
ولأن المملكة تدرك أهمية التراث وما يمثله من قيمة كبيرة لا تقدر بثمن، أُسست هيئة التراث في الرابع من فبراير عام 2020، التي تهدف لدعم جهود تنمية التراث الوطني وحمايته من الاندثار، والتشجيع على إنتاج وتطوير المحتوى في القطاع التراثي.
ويعد تمثال "رجل المعاناة" واحداً من أبرز الاكتشافات التي لفتت الأنظار إلى ما تحتويه المملكة من كنوز وقطع أثرية، فتحت المجال للتنقيب والبحث عن المزيد من الآثار والاكتشافات، ورجل المعاناة هو تمثال من الحجر الرملي عثر عليه في بلدة كهفة التي تبعد عن حائل مسافة 200 كيلو متر، ويعود تاريخه لأكثر من 6 آلاف عام، ويرجح أنه صنع خلال حقبة 3500- 3100 قبل الميلاد.
والتمثال عبارة عن رأس وجذع وسمي بهذا الاسم لما يحمله من تعابير حزن ومعاناة، ويعود تاريخ اكتشافه لعام 1974، حيث عثرت عليه فتاة كانت ترعى أغنامها وسلمه والدها للجهات المعنية، وعرضت تلك القطعة في معرض "طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية" الذي أقيم بعدة دول منها الولايات المتحدة واليابان والصين وعدة دول أوروبية.
ومن أبرز الاكتشافات التي أعلنت عنها هيئة التراث، وكان ذلك في يوليو من عام 2021، النقوش الصخرية التي تعود للملك البابلي "نابونيد" في موقع الحائط بحائل، والذي يعود لمنتصف القرن السادس قبل الميلاد، ويضم نقشاً على إحدى الصخور البازلتية مجسداً الملك البابلي ممسكاً بصولجان وأمامه بعض الرموز.
وتواصلت اكتشافات الهيئة لتزيح الغموض عن المزيد من أسرار موقع الفاو الأثري؛ وهي عاصمة مملكة كندة الواقعة أطراف الربع الخالي؛ حيث نجح فريق علمي سعودي بالتعاون مع خبراء دوليين في يوليو عام 2022 في إجراء مسح أثري أسفر عن بعض الاكتشافات المهمة، كبعض النقوش التعبدية وبقايا معبد بني من الحجارة ومنطقة لمزوالة سكان الفاو شعائر العبادة، إضافة لبقايا مستوطنة بشرية تعود للعصر الحجري.
وأخرجت جزر فرسان بجازان بعضاً من تراثها المدفون، حيث تمكن فريق تنقيب علمي سعودي فرنسي في الرابع من أغسطس عام 2022 من اكتشاف عدد من الظواهر المعمارية في الجزيرة، وقطع أثرية تعود للقرنين الثاني والثالث الميلاديين.
وكشف وادي الأخدود في منطقة نجران عن بعض أسراره، ففي الـ 15 من فبراير الماضي من عام 2023 الجاري، اكتشف عدد من النقوش المسندية الجنوبية و3 خواتم تعود لعصر ما قبل الإسلام بعد أعمال تنقيب أجرتها هيئة التراث بالموقع، كما عثر على رأس ثور من البرونز، والذي كان من الأمور السائدة والشائعة لدى ممالك جنوب الجزيرة العربية قديماً قبل الإسلام.
وفي الـ 25 من أغسطس الماضي من العام الجاري، أبرزت هيئة التراث بعض الاكتشافات في موقع العبلاء الأثري بمنطقة عسير خلال أعمال تنقيب تمت بالموقع، شملت ظواهر معمارية لوحدات سكنية ومرافق صناعية تميزت بعض جدرانها بطبقة من الجص، إضافة لخزانات مائية تحت بعض الوحدات المعمارية التي كان الغرض منها تخزين الأمطار.
كما شملت الاكتشافات الأثرية بموقع العبلاء الذي برز كواحد من أهم المواقع التعدينية في المملكة، بعضاً من الأدوات الحجرية تتمثل في مدقات ومجموعة من الرحي المختلفة في أحجامها وأشكالها، وعدد من كسر الفخار العادي والحجر الصابوني وبعض الأدوات القديمة والحلي والأحجار الكريمة.
وما زالت هيئة التراث تواصل جهودها في البحث عن مكونات التراث الثقافي وحمايته وصونه والتعريف به، والاستفادة منه كمورد ثقافي واقتصادي مهم ضمن الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية المملكة 2030.
**carousel[342338,342332,342333,342337,342335,342331,342330,342334,342336]**