أكد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن المملكة تسعى لخفض البصمة الكربونية للمواد البترولية والبتروكيماوية السعودية، باستخدام برامج ومناهج تتضمنها مبادرة السعودية الخضراء، تتمثل في احتجاز الكربون وتخزينه، بما يضمن قدرتها على الموازنة بين تخفيض الانبعاثات ونشاطها النفطي.

وأضاف أن المملكة حرصت على مراجعة نص البيان الختامي لاتفاق مؤتمر الأطراف المتعددة "كوب 28" المُقام في دولة الإمارات، بشكل دقيق، وذلك من خلال فريق تفاوضي، ضمّ العديد من الكفاءات الوطنية، بما في ذلك وزارتَا الطاقة والخارجية وغيرهما من الجهات الحكومية.

وأوضح أن اهتمام فريق المملكة المشارك في المفاوضات، شملت الأقسام كافة الواردة في البيان، بما يضمن عدم تأثير النصوص في أحد الأقسام على نظيراتها في قسم آخر، مشيرًا إلى أن المملكة وافقت على هذا ما ورد في نصوص البيان في وقت مبكر من مساء أمس.

وأشار إلى أن البيان يُصحح بعض ما جاء في اتفاق باريس، بحيث يضمن تحقيق المستهدفات عبر تطبيقها بقاعدة "من الأسفل إلى الأعلى" وليس العكس.

واستعرض وزير الطاقة عددًا من أهم البنود التي وردت في نص الاتفاق، والتي أكد بعضها أهمية النظر بعين الاعتبار للمصالح الوطنية لكل دولة، والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، وفق خططها ومصالحها، فضلًا عن إضافة 6 بدائل، تعطي بعض البلدان خيارات متعددة للوصول إلى المستهدف الرئيسي، والمتمثل في خفض نسب الانبعاثات في 2050.

وشدد على أن هذه البدائل والطرق، تضمن للدول التحول نحو تقليل الانبعاثات الكربونية، في ضوء مصالحها وخططها الوطنية، ولا تعني أبدًا الاتفاق على التخلص من الوقود الأحفوري.

كما أكد وزير الطاقة أن نصوص اتفاق دبي لا تؤثر على صادرات المملكة، أو مقدرتها في البيع، مشيرا إلى أنها تمثل تأكيدًا لمفهوم اتفاقية التغير المناخي.

وتبنت دول العالم بالتوافق، أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ، يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجًا عن الوقود الأحفوري، بما يشمل الفحم والنفط والغاز التي تعد مسؤولة عن الاحترار العالمي.

وخضعت بنود نص الاتفاق المنبثق من مفاوضات مطولة جرت في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، لتوافق 200 دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ورحب رئيس الوفد السعودي إلى المؤتمر، البراء توفيق، وفقًا لـ "فرانس برس"، باتفاق دبي ونجاح مخرجاته، التي تؤكد تعدد المسارات والنهج، بما يتماشى مع ظروف وأولويات كل دولة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.

وشدد "توفيق"، متحدثًا باسم المجموعة العربية، على أهمية "تعزيز قدرات التكيف والحد من التأثر بالتغير المناخي في نطاق هدف 1,5 درجة"، موضحًا أن هذا التكيف مشروط بأن توفر الدول المتقدمة "الدعم المادي والتقني" للدول النامية لتحقيق أهداف "التنمية المستدامة ومحاربة الفقر".

كما أكد رئيس الوفد السعودي في المؤتمر أن المجموعة العربية "تعبر عن شكرها للجهود العظيمة" التي بذلتها دولة الإمارات لإنجاح المؤتمر، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل مبدأ العدالة والمسؤولية المشتركة"، وذلك كما وردت في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التي "تدعم اتخاذ نُهج مختلفة لمعالجة الانبعاثات حسب الظروف والأولويات الوطنية المختلفة".

وحول هدف خفض الانبعاثات، أكد المسؤول السعودي أنه "لا يمكن تفويت أي فرصة لخفض الانبعاثات بغض النظر عن المصدر"، مشيرًا إلى استخدام التكنولوجيا المتاحة لذلك ومنها "تقنيات حجز وإدارة الكربون" وهي تقنيات ما زالت غير ناضجة وتحبذها الدول النفطية لأنها تسمح لها بمواصلة إنتاجها.

كما شدد على أهمية "تعزيز قدرات التكيف والحد من التأثر بالتغير المناخي في نطاق هدف 1,5 درجة"، ولكنه قال إن هذا التكيف مشروط بأن توفر الدول المتقدمة "الدعم المادي والتقني" للدول النامية لتحقيق أهداف "التنمية المستدامة ومحاربة الفقر".

وشمل الاتفاق، المكون من 21 صفحة، الدعوة إلى "التحول في اتجاه التخلي عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، عبر تسريع العمل في هذا العقد الحاسم، من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 وفقا لما يوصي به العلم".

ولم ترد في الاتفاق عبارة "الاستغناء التدريجي" عن النفط والغاز والفحم، كما أن الاتفاق، الذي أتى بعد ثماني سنوات من اتفاق باريس، يتزامن مع نهاية عام 2023، والذي سجّل أعلى درجات الحرارة على الإطلاق.

وقال المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري، إن اتفاق دبي "يدعو إلى التفاؤل" في عالم "متخبط" تؤرقه الحروب.

وأشادت فرنسا "بانتصار التعددية والدبلوماسية المناخية"، على لسان الوزيرة أنييس بانييه-روناشيه، والتي رحبت كذلك بإدراج الطاقة النووية لأول مرة في اتفاق دبي.

من جانبها، اعتبرت الصين ومبعوثها للمناخ شيه تشن هوا، الذي دخل إلى الجلسة العامة رافعاً إبهاميه، عنصرين أساسيين في التوصل في الأيام الأخيرة إلى تقريب المواقف.

فيما رأى مصدر مقرب من الرئاسة الإماراتية، أن هذه الصياغة "تمت معايرتها" بدقة لمحاولة التوفيق بين وجهات النظر المتعارضة، مع تعمد ترك القليل من الغموض حتى يجد كل طرف فيه ما يطالب به.

ويتضمن الاتفاق الدعوة إلى مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة وتيرة تحسين كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030، وتسريع التكنولوجيات ذات انبعاثات "صفر كربون" أو "المنخفضة الكربون"، بما في ذلك الطاقة النووية والهيدروجين المنخفض الكربون وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وهي ما زالت غير ناضجة ولكن تحبّذها البلدان الغنية بالنفط حتى تتمكن من الاستمرار في إنتاجه.