وكأن عرب الجزيرة لا يتغيرون، ولا يطويهم الزمن، تسابق بلادهم الزمن في النهضة والرقي والتطور، وتنافس العالم في العلوم والتقنية والاقتصاد، والفلاح الكامن داخل رجل الأعمال يقتنص أي فرصة للارتماء في حضن مزرعته؛ وغراسها وشيحها وريحانها.. وينتظر البدوي بفارغ الصبر حتى ينزع مشلحه الثمين، ويركض على الرمال بين أبله، وناقة طرفة بن العبد ما تزال بينهم، وهو هناك في الخلفية يتغنى؛ بما تحكي العرب أنه من أرقّ ما قيل في الإبل:
وإِنِّي لأمضي الهمّ عندَ احتضارِهِ..
بعَوْجاء مِرْقال تَرُوح وتَغتدِي
هناك طرفة بن العبد، وهنا.. مسفر ابن رنية، الذي شغفته الإبل حباً، منذ أن كان طفلاً، إرثاً من الأعمام والأخوال، وإرثاً من طرفة وقبيلته وأرضه أيضاً، ليتغني بـ "سلطانة":
ياعيون الشوق وأسرار الغرام..
يالوحيد اللي على قلبي تمون
أثارت قصيدة مسفر بن عفتان موجة من التساؤلات بين الشابات حضور مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثامنة، عما إذا كان يتغنى بإحداهن، لكنه قطع كل التساؤلات قائلاً "أنا مولع بالناقة سلطانة".
ويقول لـ"أخبار 24" إنه سيحيا ويموت على حب الإبل، موضحا أنه في حال التحاقه بوظيفة سيقوم بشراء إبل والمشاركة بها في مهرجان الملك المؤسس.
يقول طرفة، عن ناقته "أَمون"؛ مأمونة أمينة، ويقول مسفر عن سلطانة "تمون"، تقديراً لهذا الكائن الذي أورث الأجداد محبته للأحفاد، وكيف أن الناقة "تمون" على ملاّكها ويحق لها ما لا يحق لغيرها، كيف لا وهم يرافقونها في الصحاري والمزارع لأوقات طويلة، هي في الغالب أجمل أوقاتهم برفقة أسرهم.