لم يعرف الأوربيون والأمريكيون عادة غسيل اليدين سوى في القرن التاسع عشر، فهل تصدق أن هذه العادة أنقذت العالم مرات ومرات؟

في القرن التاسع عشر وفي مستشفى فيينا العام، وبالتحديد في جناح الولادة، لم يكن الأطباء قد اعتادوا بعد على غسل اليدين إلا في حالات معينة، حتى ظهر "إجناز سيمبلويس"، طبيب مجري، لاحظ ارتفاع الوفيات بين الأمهات والأطباء المعالجين لهن عقب الولادة.

توصل سيمبلويس، إلى أنه في جناح الولادة، يفحص الأطباء النساء بعد إجراء عمليات التشريح مباشرة، غير آخذين في الاعتبار نظرية انتقال الجراثيم.

بعدها فرض على الأطباء غسل أيديهم بالكلور بعد تشريح الجثث، فشهد المستشفى بعد ذلك انخفاضًا في أعداد الوفيات بين الأمهات والأطباء.

شراكة لغسل الأيدي

تلك كانت الحادثة الأولى، التي فرضت غسل اليدين كضرورة لا عادة، إلا أن إحصاءات سنوية تفيد بتسبب أمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة في موت أكثر من 3.5 مليون طفل دون الخامسة، وأن غسل الأيدي بالماء والصابون، خصوصًا بعد استخدام المرحاض وقبل تناول الطعام، يساعد على الحد من حالات أمراض الإسهال بنسبة تزيد على 40%، إلا أن هذا السلوك البسيط لا تتم ممارسته بصورة منتظمة.

لذلك، نشأت الشراكة العالمية لغسل الأيدي في عام 2001، وتهدف إلى منح الأسر والمدارس والمجتمعات المحلية في البلدان النامية القدرة على الوقاية من أمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي من خلال دعم الترويج العالمي لغسل الأيدي وممارسة غسل اليدين بالصابون بشكل صحيح في الأوقات الحرجة.

أطفال رضع

يموت 4 ملايين طفل من حديثي الولادة في شهرهم الأول سنويًا.. النظافة البسيطة والتدخلات منخفضة التكلفة يمكن أن تقلل من هذا الرقم بنسبة تصل إلى 70%. أحد هذه التدخلات هو غسل اليدين بالماء والصابون.

إندونسيا

في عام 2008، أفادت وزارة الصحة الإندونيسية بأنه كان بالإمكان تلافي العديد من الوفيات الناتجة عن الإسهال وأمراض الجهاز التنفسي في البلاد؛ لو غسل الناس أيديهم مرات عدة بالصابون.

وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه من بين 161 ألف طفل تُوفوا في إندونيسيا خلال عام 2006، هناك 18% فقدوا أرواحهم بسبب الإسهال، و14% بسبب مرض ذات الرئة.

حقائق:

بحسب بيانات وزارة الصحة السعودية فإن:

* غسل اليدين بالماء والصابون يقلل من خطر الإصابة بأمراض الأمعاء والإسهال بنسبة 31%، وأمراض المسالك التنفسية بنسبة 21%.

* اليدان النظيفتان تمنعان انتقال البكتيريا والفيروسات من شخص إلى آخر، وبين أفراد المجتمع.

* غسل اليدين بالماء والصابون يقي من اكتساب العدوى في أثناء تلقي الرعاية الصحية.

* غسل اليدين يساعد على الوقاية من التهابات الجلد والعين.

* يساعد غسل اليدين بالماء والصابون على منع العدوى بالفاشيات مثل: الكورونا، والديدان المنقولة عن طريق التربة.

الإيبولا والصابون

في السياق نفسه، قالت منظمة اليونيسف إن غسل اليدين بالصابون واحد من أرخص اللقاحات والأكثر فعالية ضد الأمراض الفيروسية، من الإنفلونزا الموسمية إلى نزلات البرد.

وتشدد اليونيسف في سيراليون وليبيريا وغينيا على أهمية غسل اليدين؛ كجزء من مجموعة من التدابير اللازمة لوقف انتشار فيروس إيبولا.

لماذا لا نغسل أيدينا؟

في 2017، أثبتت دراسة أن الصابون في متناول اليد لجميع السكان عالميًا. وعلى الرغم من أن الأسر التي تعيش في مجتمعات أكثر فقراً في العالم أقل فرصًا للوصول إلى الصابون، لكنّ التكلفة ليست العائق الرئيسي أمام غسل اليدين؛ لذلك تدعو المنظمات الصحية العالمية في 15 أكتوبر من كل عام الجميع لغسل اليدين، وتوعّي بضرورة جعل هذا السلوك عادة، فيما يعرف بـ"اليوم العالمي لغسل اليدين".

كورونا وغسل اليدين

مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، أكدت منظمة الصحة العالمية عبر نشرات الأخبار والإعلانات وآراء الخبراء، ضرورة غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، وهذا ما أكدته أيضًا وزارة الصحة السعودية خلال نشراتها المختلفة منذ رصد الفيروس في المملكة.