عاشت محافظة الطائف، عامًا مليئًا بالفعاليات والمناسبات المتنوعة في شتى المجالات، بما في ذلك الثقافة والأدب والتاريخ والعلوم والرياضة والاقتصاد وغيرها.

وشهدت المحافظة على مدار العام في مجال الأدب والشعر فعالية "عام الشعر العربي"، إذ استُهلت في مطلع العام بأول الملتقيات الذي ضم الجذور التاريخية للشعر العربي وشخصيته الفريدة، بتنظيم من جامعة الطائف، وهيئة الأدب والنشر والترجمة.

وضم الملتقى سلسلة من المحاضرات والجلسات الحوارية والنقدية والأمسيات الشعرية، التي سلطت الضوء على دور الطائف التاريخي في تحريك المشهد الشعري، وكذلك إقامة "منتدى الشعر العربي"، ضمن مبادرة عام الشعر العربي 2023، بمشاركة مجموعة كبيرة من نقاد الشعر من داخل المملكة وخارجها في عدد من الموضوعات.

وتناول الملتقى أهمية الشعر إنسانيًا ومكانته حول العالم، وعلاقته بالترجمة، واقتصاديات المعرفة، وكونه أحد أهم الفنون التعبيرية المتجذرة في وجدان الإنسان العربي منذ أمد بعيد، إذ يحتل الشعر مكانة رفيعة عند أفراد المجتمعات، حتى بات لسان حالهم، ينقل مشاعرهم، ويبوح بمكنوناتهم، ويحفظ تاريخهم وقصص حياتهم المختلفة.

وأثرى المنتدى الساحة الشعرية، بوصفه تراثاً غير مادي، وظاهرة إنسانية تمارسه الشعوب سواء البدائية أو المتطورة، وتتعاطاه مختلف الفئات الخاصة المثقفة والشعبية العامة، معبراً عن عاطفة الإنسان، ونظرته إلى العالم.

كما شهد العام إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" إدراج الطائف ضمن شبكة اليونسكو للمدن المبدعة، كأول مدينةٍ مبدعة في مجال الأدب بالمملكة، ارتكز ملفها على سبعة عوامل، والتي تمت مواءمتها مع برامج القطاعات الثلاثة.

واشتملت العوامل التي تناولها الملف، جودة وحجم النشر في المدينة، ووجود دور مهم للأدب والدراما والشعر في المدينة، وجودة وتنوع البرامج التعليمية التي تُركّز على تعليم الأدب المحلي، إلى جانب استضافة وتنظيم فعّاليات ومهرجانات أدبية بالمدينة، وتوافر مكتبات عامة، ومحال لبيع الكتب، فضلاً عن المراكز الثقافية العامة، ومشاركة الإعلام التقليدي والجديد في تسويق الأدب، وتعزيز سوقه المحليّ، وإشراك دور النشر في ترجمة الأعمال الأدبية في مختلف اللغات.

وخلال شهر إبريل، شهدت الطائف فعالية موسم "الورد الطائفي"، والتي أُقيمت في قمم جبال الهدا والشفا؛ للاحتفاء بتاريخ المنطقة الثقافي والتراثي، وإبراز ما تكتنزه من جماليات لتصوغ وجهة ثقافية فريدة.

ووثق الموسم اعتناء العرب بهذه النبتة منذُ الأزل؛ فأطلقوا عليها "سلطان الزهور"، وطعّموا بها القصائد، ووظفوها في أغراضهم الشعرية، واستشعر زوّار المهرجان الذي نظمته "وزارة الثقافة"، في نسخته الثالثة "طائف الورد"؛ قيمة النبتة الفريدة، ووقفوا على تاريخها وأثرها ومزيجها الجمالي المبهر.

وركزت محتويات وفعاليات المهرجان على سيرة الورد الاستعراضية، والمركبات المزيَّنة بالورود، والمجسمات الضخمة، إلى جانب أنشطة أخرى شملت جبل الورد، ومعرض ترانيم الورد، وسوق الورد.

وعلى المستوى التاريخي، استذكرت الطائف ما أوجدته لنفسها في عهد الدولة السعودية الأولى من مكانة تفتخر بها تحت راية التوحيد، بعد أن نظمت دارة الملك عبدالعزيز ممثلةً في "مركز تاريخ الطائف" ندوة علمية عن "عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني"، ضِمن برنامجها العلمي "من أعلام المملكة العربية السعودية".

وسلطت الندوة في وقتها الضوء على مجموعة من البحوث والأوراق التخصصية التي قدمها عدد من المؤرخين والأكاديميين والمهتمين في التاريخ السعودي؛ تناولت جوانب عديدة من حياة عثمان المضايفي ونشأته وشخصيته وإسهاماته إلى استشهاده عام 1228هـ.

ولم تغفل الطائف الجانب الترويحي والرياضي والسياحي في عام 2023، إذ نظمت واستضافت المسابقات الرياضية، وعاشت تنوعًا غير مسبوق في احتضان ثلاث رياضات تشتهر بها المملكة والعالم العربي؛ تمثَّلت في كأس الملك سلمان للأندية العربية، ومهرجان وليِّ العهد للهجن وسباقات الخيل للفروسية في موسمها الصيفي، التي لعبت فيها سباقات الفروسية والهجن دورًا مهمًّا في ترسيخ العلاقة الوطيدة بين الإنسان والحيوان.

وتُعَدّ هذه هي المرة الأولى تاريخيًّا التي تستقطب الطائف فيها عاصمة ثلاث مناسبات رياضية مختلفة؛ مما جعلها المدينة الوحيدة في المملكة التي تضم هذه المناسبات، لإبراز الدور المهم للرياضة كمحرِّك أساسي من محركات التنمية الشاملة، وكمستهدف رئيسي يتماشى مع رؤية السعودية 2030.

وشهدت "الطائف"، أول منتدى اقتصادي في شهر أكتوبر؛ شكّل منبراً متميزاً حرّك من خلاله جوانب "الاستثمار في الطائف"، وتناول العديد من الموضوعات وورش العمل، والقضايا الملحّة مثل الأمن الغذائي واستدامته، وما يطلبه المستثمرون ورواد الأعمال، والتحديات والحلول في تطوير المحافظة بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.

كما تطرّق المنتدى لضمان مبادئ الاستدامة في إستراتيجيات وقرارات الاستثمار، وتعزيز التواصل والتبادل المعرفي بين القادة وصناع القرار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تطلعات التنمية المستقبلية، بمشاركة نخبة من صناع القرار وقادة الأعمال وكبار المديرين التنفيذيين من داخل المملكة وخارجها.

وعكست الطائف في "عام الشعر العربي 2023"، دورها الفعّال في الجوانب الأدبية والشعرية والثقافية، متطلعة في "عام 2024 عام الإبل"، لأخذ فرصتها من خلال المشاركة وإلقاء الضوء على الإبل، وتعزيز الجانبين الثقافي والاقتصادي لها.

**carousel[2348473,2348474,2348475,2348476,2348477,2348478,2348479,2348480,2348481,2348482]**