أكدت دكتورة ماريا فان كيركوف، الخبيرة بالأمراض الوبائية في منظمة الصحة العالمية، أن منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الهيئات الصحية المحلية حول العالم تقوم حاليًا بتعقب ثلاثة أنواع من فيروس كورنا، وهي متغيرات مثيرة للقلق تنتشر حول العالم.

 جاء ذلك خلال لقاء أجرته معها باسكال أنتوني، في الحلقة رقم 28 من المجلة المتلفزة "العلوم في خمس"، التي تبثها منظمة الصحة العالمية على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بغرض التوعية والتثقيف بشأن كل ما يتعلق بفيروس كورونا المُستجد، والذي تناول بالتفصيل كل المعلومات عن السلالات المتحورة من الفيروس وكيف تقوم منظمة الصحة العالمية بتتبعها حول العالم، وكيف يتم اكتشاف وتحديد أيها أكثر أهمية أو إثارة للقلق.

السلالة الأكثر قدرة على الانتشار

وأضافت كيركوف أن السلالة أو الطفرة المتحورة الأولى والتي يشار إليها بـB.1.1.7، تم اكتشافها لأول مرة في المملكة المتحدة، أما المتغير الثاني فهو B.1.351 وظهر لأول مرة في جنوب إفريقيا، بينما كانت السلالة الثالثة وهي P.1 منتشرة أولاً في البرازيل، ولكن تم اكتشاف انتشارها بين مسافرين قادمين إلى اليابان.

تقوم منظمة الصحة العالمية بتتبع التغييرات في الفيروس وما يعنيه ذلك من حيث انتقاله وشدته وتأثيره أو التأثير المحتمل على التشخيص والعلاجات واللقاحات. وقالت كيركوف إنه، حتى الآن وبحسب المعلومات المتوافرة لمنظمة الصحة العالمية فإن هناك زيادة في قابلية الانتقال في متغيرات الفيروس B.1.1.7 و B.1.351، نظرًا لأن الطفرة تسمح لمتغير الفيروس بالارتباط بالخلية البشرية، بسهولة أكبر.

السلالة الثالثة والتسلسل الجيني

وأردفت كيركوف أنه على الرغم من عدم رصد زيادة حتى الآن في انتقال العدوى مع طفرة P.1، ولكن هذا قيد التحقيق حاليًا. وأشارت إلى أنه من حيث الشدة، فإن هناك بعض الدراسات من المملكة المتحدة التي تشير إلى أن B.1.1.7 قد زاد من شدته، في الوقت الذي يتم فيه إجراء دراسات لتقييم تأثير اللقاحات ضد هذه المتغيرات الفيروسية، والتي تفيد المعلومات الأولية أيضًا بأن اللقاحات مازالت تعمل ضد بفاعلية ضد متغيري فيروس كورونا B.1.1.7 وB.1.351.

وحول كيفية تتبع طفرات الفيروس على مستوى العالم وكيفية التعرف على مدى شدة وتأثير كل منها، قالت دكتور كيركوف إن منظمة الصحة العالمية تتعقب الطفرات والمتغيرات المختلفة حول العالم من خلال التسلسل الجيني، ومضت قائلة: "نحن (منظمة الصحة العالمية) نعمل مع دولنا الأعضاء ومع شركائنا في جميع أنحاء العالم لزيادة قدرة تتبع التسلسل في جميع أنحاء العالم حتى نتمكن من تحديد أي تغييرات في الفيروس بمرور الوقت".

المتغيرات المهمة

وأوضحت كيركوف أن هذا تطور طبيعي للفيروس والعديد من البلدان حول العالم تقوم بالفعل بتنصيف تسلسل الفيروس منذ بداية هذا الوباء، لكن يجري العمل حاليًا على زيادة القدرة على إجراء التسلسل في جميع أنحاء العالم حتى يتمكن العلماء من رؤية التغييرات في جميع البلدان، التي يتم فيها اكتشاف التغييرات وحيث يمكن أن يتم اكتشاف المتغيرات ذات الأهمية.

وقالت دكتور كيركوف إن المتغيرات المهمة هي تلك التي تُظهر تغييرات في الطريقة التي يتصرف بها الفيروس، إما أنها ربما تزيد من قابليتها للانتقال، أو يحتمل أن تتسبب في حالة مرضية أكثر خطورة، أو قد يكون لها نوع من التأثير الذي يمكن أن يتطلب تعديل في أسلوب عمل التشخيصات أو العلاجات واللقاحات. وشرحت أنه إذا كان أي من المتغيرات يحتوي على أي من هذه التغييرات، فإنها تصبح متغيرات مثيرة للقلق، وتحتاج إلى التأكد من أنه يتم دراستها بشكل مناسب وأن أي تغييرات مطلوبة في التدابير الصحية والاجتماعية أو في طريقة تطوير أساليب التشخيص أو حتى تعديل في تركيبة اللقاح يتم الإبلاغ بها على الفور في ضوء الفهم لماهية هذه التغييرات.

 طرق الوقاية من الطفرات

وعن التدابير الاحترازية الواجب اتباعها ليحمي الأشخاص أنفسهم من الطفرات المتحورة لفيروس كوفيد-19، قالت دكتور كيركوف إن هناك الكثير الذي يمكن القيام به للحماية من الفيروس وسلالاته المتحورة. ويتعلق الأمر في المقام الأول بالالتزام بالإرشادات الوقائية على المستوى الفردي مثل الحفاظ على مسافات التباعد الجسدي ونظافة اليدين وارتداء الكمامة ومراعاة آداب التنفس وفتح النوافذ للتهوية وتجنب الأماكن المزدحمة والبقاء في المنزل إذا كان الشخص مريضًا، مع التأكد من إجراء اختبار "بي سي أر"، إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى اتباع النصائح المحلية حيث يعيش كل شخص.

وأضافت كيركوف أنه تم بشكل ملحوظ تقليل انتقال العدوى في عدد من البلدان، التي تنتشر فيها هذه الطفرات الفيروسية، نتيجة لاستخدام هذه التدابير.

تحديث للإرشادات الاحترازية

وأكدت كيركوف على الأهمية البالغة للالتزام بالتدابير والإجراءات الاحترازية، مشيرة إلى أنه تم إجراء العديد من المشاورات والاجتماعات العالمية لتبادل وجهات النظر بشأن الطفرات المتحورة لفيروس كورونا المُستجد وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى أي تغييرات في إرشادات منظمة الصحة العالمية للوقاية والحماية من العدوى.

وقالت كيركوف إنه بناء على كافة المعلومات المتوافرة حتى الآن، فإن تدابير الصحة العامة والإجراءات الاجتماعية وإجراءات الوقاية الاحترازية من العدوى ومكافحتها في مرافق الرعاية الصحية وخارج مرافق الرعاية الصحية ضد هذه المتغيرات الفيروسية تحقق نتائج جيدة.

واختتمت كيركوف قائلة إنها تنصح الجميع بضرورة اتخاذ والالتزام بجميع الخطوات الوقائية والاحترازية، التي يمكن القيام بها للحفاظ على الأنفس والأهل والأحباء بمأمن من العدوى بفيروس كورونا أو أحد سلالاته المتحورة.