أقر صندوق النقد الدولي الثلاثاء قرضا بقيمة 2,5 مليار دولار للسودان وأبرم اتفاقا تاريخيا مع البنك الدولي يقضي بتخفيف قدره 50 مليار دولار من ديون هذا البلد الفقير، مكرسا بذلك خروجه من عزلته المالية والسياسية الذي بدأته واشنطن مع انتهاء عهد عمر البشير.
وجاء الإعلان بعدما وضع صندوق النقد الدولي اللمسات الأخيرة على اتفاق مع 101 بلد مانح يسمح للسودان بتسديد نحو 1,4 مليار دولار من ديونه المتأخرة للمقرض الذي يتّخذ من واشنطن مقرا، وهو أمر كان يعرقل حصول الخرطوم على مساعدات جديدة.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في بيان مشترك "نهنّئ الحكومة السودانية والشعب على عملهم الدؤوب الذي يستحق الثناء والتقدم (الذي تم تحقيقه) باتّجاه هذه العتبة المميزة".
ويعد دفع الديون المتأخرة خطوة مهمة للغاية تسمح بتخفيف أعباء الديون بموجب المبادرة المعنيةبـ"الدول الفقيرة المثقلة بالديون" التي قال مسؤولون إنها ستغطي خمسين مليار دولار، أي ما يعادل نحو تسعين في المئة، من الديون الخارجية للسودان.
وسيحصل السودان على مبلغ قدره 1,4 مليار دولار فورا بموجب برنامج صندوق النقد الدولي للإقراض ومدته 39 شهرا.
رحّبت واشنطن بالإعلان بأن السودان بات مخوّلا حاليا لتخفيف أعباء الديون عليه من قبل مؤسسات إقراض دولية. وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في بيان إنّ "هذه لحظة تاريخية للسودان وشعبه".
وأضافت "ستفرج هذه الخطوات عن تمويل يحتاجه (السودان) بشدة وستساعد في بناء أسس خفض مستوى الفقر والتنمية الشاملة للجميع والنمو الاقتصادي".
كما أشادت بجهود الحكومة المدنية في السودان لتحقيق استقرار اقتصادي.
ويأتي الهدف الجديد في ظل التقارب بين الولايات المتحدة والسودان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في أعقاب احتجاجات شعبية انطلقت في نيسان/أبريل 2019 ضد حكمه الذي استمر ثلاثة عقود خيّمت عليه صعوبات اقتصادية ونزاعات داخلية وعقوبات دولية منعت الاستثمار في بلاده.
وعلى مدى العامين الماضيين، سعى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي كان خبير اقتصاد مخضرم في الأمم المتحدة، لإعادة بناء اقتصاد بلاده ووضع حد لعزلة السودان دوليا.
وفي كانون الأول/ديسمبر، شطبت واشنطن السودان من قائمتها السوداء للدول المتهمة بدعم الإرهاب، ما أزال عقبة مهمة كانت تقف في طريق الاستثمار الخارجي.
وواصل الرئيس الأميركي جو بايدن تحسين العلاقات مع الخرطوم منذ توليه السلطة في كانون الثاني/يناير، ولعبت إدارته دورا رائدا في تشجيع الحكومات الأخرى على الانخراط في جهود تخفيف أعباء الديون عن السودان.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في آذار/مارس قرضا مرحليا قدره 1,15 مليار دولار لمساعدة السودان على سداد ديونه المتأخرة للبنك الدولي، بعدما أعلنت حكومة الخرطوم عن سلسلة إصلاحات.
وأفادت وزارة الخزانة أن الولايات المتحدة تعهّدت المساهمة بمبلغ يصل إلى 120 مليون دولار كموارد ممنوحة لتخفيف عبء ديون السودان لصندوق النقد الدولي بموجب المرحلة الأولى من مبادرة "الدول الفقيرة المثقلة بالديون".
سيكون السودان آخر بلد يسدد ديونه المتأخرة لصندوق النقد الدولي، الذي لم يعد بانتظار دفعات متأخرة من الدول الأعضاء لأول مرة منذ مطلع العام 1974.
وأشادت جورجييفا بـ"سياسة الالتزام القوية" للحكومة السودانية التي جمعت الأموال العامة مع المحافظة على "إيصال المساعدات إلى الفئات الأضعف".
لكنها أشار إلى أن "مواصلة الالتزام بالإصلاح سيكون أساسيا لتحقيق أهداف البرنامج وخفض الفقر وضمان نمو أكبر وشامل أكثر للجميع".
وانتقلت الحكومة إلى سعر صرف قائم على الأسواق وألغت الدعم للوقود في إطار جهودها للتوصل إلى اتفاق مع المقرضين.
وفي مقابلة مع فرانس برس الشهر الماضي، أكد حمدوك وجود حاجة لخطوات لا تحظى بشعبية كبيرة من أجل ضمان تخفيف الديون، داعيا المستثمرين الأجانب إلى استكشاف الفرص في بلاده.