رأس معالي مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى ‏المعلمي، مساء أمس الثلاثاء، الجلسة الرابعة في مؤتمر الأمم المتحدة الثاني رفيع المستوى لرؤساء أجهزة مكافحة ‏الإرهاب في الدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة، والمنعقدة بعنوان (الاستجابة لتحديات مكافحة ‏الإرهاب الجديدة والمتطورة في العقد الجديد).‏

وشارك في الجلسة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لدعم بناء السلام أوسكار فرنانديز تارانكو، والمندوب الدائم لجمهورية الصين الشعبية لدى الأمم المتحدة السفير ‏جانغ جون، والمندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال، ومنسق ‏مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي جيل دي كيرشوف، ونائب منسق مكافحة الإرهاب في ‏الخارجية الأمريكية كريس لاندبرغ، ومحررة الشؤون الخارجية في الخارجية الروسية إلينا ‏تشيرنينكو، والمبعوث الفرنسي الخاص للإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب أوليفييه كارون.‏

وأوضح معالي السفير عبدالله المعلمي، أن الجلسة تنطلق في رحلة لاستكشاف الممارسات الجيدة والأساليب المبتكرة والأفكار الجديدة لمواجهة تحديات مكافحة الإرهاب المستمرة والناشئة والمتطورة، إلى جانب مناقشة أولويات الدول الأعضاء واحتياجاتها بالنظر إلى تطور التهديدات الإرهابية.

وأفاد الجلسة تتناول أدوار مختلف الوكالات الوطنية والمنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة المحلية والقطاع الخاص في مواجهة تحديات العقد الجديد، إلى جانب أدوات السياسة الأساسية اللازمة لمواجهة تحديات العقد الجديد على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية.

وأبان معاليه، أن الجلسة ناقشت الأدوات العملية والتشغيلية الأساسية اللازمة لمواجهة تحديات مكافحة الإرهاب المستمرة والجديدة والمتطورة، مشيراً إلى أن منصات التواصل تعكس التغييرات الجذرية التي يشهدها العقد الجديد، حيث تشمل ‏هذه التغييرات والتحديات أنواعاً جديدة من التهديدات التي يطلقها الإرهابيون، إلى جانب التسلل إلى عالم ‏الإنترنت والتجنيد والتحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية.

عقب ذلك ألقى المندوب الدائم لجمهورية الصين الشعبية لدى الأمم المتحدة السفير ‏جانغ جون، كلمة أكد فيها أنه رغم التقدم المحرز في التعاون العالمي في مكافحة الإرهاب إلا أنه لا يزال العالم يواجه تهديدات من الإرهاب وداعش نشط في سوريا والعراق.

وأشار إلى أن انسحاب القوات الأجنبية أدى إلى تدهور كبير في الوضع الأمني في أفغانستان، مؤكداً أن القوات الإرهابية مثل القاعدة وداعش تثير القلاقل والفوضى، حيث أن النزعة الأحادية والاستقطاب أدى إلى تسييس قضايا حقوق الإنسان وأوجد حلقة مفرغة من العنف وانعدام الاستقرار بكافة أشكالهما.

ولفت النظر إلى أن جائحة كورونا، سببت زيادة هائلة في معدلات البطالة والفقر واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وزيادة عدد المهمشين من ثم أصبحت أرضية خصبة للإرهابيين، مشيراً إلى أن الجائحة فاقمت من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأدت إلى زيادة انتشار الإرهاب.

تلا ذلك كلمة لمنسق ‏مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي جيل دي كيرشوف، أشار فيها إلى أن الحرب على الإرهاب لم تنته بعد، مفيداً أن الاتحاد الأوروبي حرص على تعزيز قدراته على الصمود أمام الإرهاب.

وأفاد أن هيكل التعاون بين أعضاء الاتحاد الأوروبي عزز من قدراته على مكافحة الإرهاب خلال العشرين عاماً الماضية، لافتاً الانتباه إلى أن الاتحاد الأوروبي زاد من قدراته في مجال مكافحة الإرهاب من خلال مكتب مكافحة الإرهاب الأوروبي.

وأوضح أن الإرهاب في ازدياد أن منذ عام 2001 في أنحاء متفرقة من العالم، مبيناً التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب واجب في جميع الأماكن لكي يكون ناجح وكافي، ومؤكداً الحاجة إلى دراسة البيئة التي تؤدي إلى زيادة الإرهابيين.

عقب ذلك قال نائب منسق مكافحة الإرهاب في ‏الخارجية الأمريكية كريس لاندبرغ: من المهم أن نقيم التقدم الذي أحرزناه معاً وأن نناقش النهج لمكافحة التهديد الإرهابي دائم التطور، مشيراً إلى أن بلاده أحرزت تقدماً مهماً في مكافحة أنشطة القاعدة وداعش وتفكيك شبكات التنظيمين.

وأضاف: تهديد داعش والقاعدة لا يزال يتطور ويتحور، والتهديد المتنامي لداعش في غرب ووسط أفريقيا واستمرار عملية القاعدة في وسط آسيا من خلال وكلائها في شرق أفريقيا وجنوب شرق آسيا لابد أن نبقى حذرين ونشدد من تركيزنا على هذه المجموعات التي تقوم بعمليات التجنيد هذه.

ولفت لاندبرغ، الانتباه إلى أن بلاده أطلقت في 15 يونيو الماضي إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب المحلي، للتركيز على الإرهاب العرقي وصلاته ولا سيما من خلال الإنترنت بين المتطرفين العنيفين في الولايات المتحدة الأمريكية.

وشدد المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال، أنه بهزيمة القاعدة وسقوط خلافة داعش فأن مكافحة الإرهاب عالمياً دخلت حيز جديداً، مبيناً أن المجتمع الدولي ساعي بكل عزم لمواصلة هذه الجهود.

وأبان أن الإرهاب بدء الآن يأخذ أشكال جديدة ومتنوعة ويعيد تشكيل نفسه، مشيراً إلى أن هناك نزاعات في أماكن متفرقة من العالم ويوجد بها ربط بين أذرع الإرهاب، لافتاً إلى أن الإرهابيين يروعون المواطنين في الأماكن التي يكون فيها ضعف لنفوذ الدول.

وقال السفير هلال: أن الإرهابيين يقدمون خدمات اجتماعية وأساسية لبعض المواطنين ليحلوا مكان الدولة المركزية، وهذا يعني أن هذه المجموعات الإرهابية تسيطر على هذه المناطق وهذا يعزز من التهديد الإرهابي ويقوض من أمن هذه الدول وجهود الدول ويساعد على هروب الاستثمارات.

وأكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لدعم بناء السلام أوسكار فرنانديز تارانكو، أن التهديدات الإرهابية أصبحت عالمية وأكثر تعقيداً حيث أصبح لدى الإرهابيين قدرة على إعادة ابتكار الذات والتجنيد بسبل متجددة ومبتكرة، لافتاً إلى أن الطبيعة المتغيرة للتهديدات للإرهاب أصبحت واضحة على مدار العام الماضي في خضم جائحة كورونا.

وأشار إلى أن داعش زاد من جهوده الراديكالية خلال الجائحة العام الماضي على الإنترنت مما قد يؤدي إلى زيادة الأنشطة في السنوات المقبلة، معرباً عن قلق الأمم المتحدة إزاء الآثار طويلة الأمد لجائحة كورونا على السلام والأمن الدوليين إلى جانب الآثار الاقتصادية والاجتماعية.

وقال تارانكو: تطور التهديد الإرهابي وأصبح أكثر صلة بالنزاعات ليس بالمصادفة أن البلدان المتآثرة بالنزاعات هي أكثر البلدان عرضة لمخاطر الإرهاب، مشيراً إلى أن إدارة المنظمة تعي تماماً الصلة بين الإرهاب والنزاع.

وسلطت محررة الشؤون الخارجية في الخارجية الروسية إلينا ‏تشيرنينكو، الضوء على دور وسائل الإعلام في محاربة الإرهاب، إلى جانب فاعلية الشائعات في مدونات السلوك بين الإدارات الطوعية التي وضعتها المؤسسات الصحفية في وسائل الإعلام في روسيا وحول العالم.

وأوضحت أن بلادها طالبت بعض وسائل التواصل بتسليم مفاتيح التشفير للإدارة الفيدرالية للبحث في اشتباه بعض المشتركين، إلا أنها رفضت مما أودى بمحكمة في موسكو بالحكم بإغلاق المنصة حتى يتسنى لنا التحقق من سلامة المشتركين، مبينة أن بلادها اتخذت الكثير من الجهود لتتبع المحتوى الخاص بالإرهابيين مع الاحترام الكامل لخصوصية المشتركين.

وبينت أنه من خلال تلك الإجراءات فقد تم في 23 يونيو الإعلان عن حجب 1000 قناة لها علاقة بالإرهاب على منصة تواصل شهيرة، مفيدة أن الأمر لم يتم بسهولة ولكنه تم بتوافق بين الحكومة ومقدم الخدمة مع الحفاظ على صون الأمن والسلم والخصوصية للمشتركين.

وفي ختام الجلسة تم فتح المجال أمام المداخلات لجميع الحضور من أعضاء الوفود المشاركة.