قال التلفزيون السوري الرسمي يوم الاثنين إن زهاء 89 في المئة من السوريين وافقوا على الدستور الجديد في الاستفتاء العام الذي أجري يوم الأحد.
وتهدف الإصلاحات الواردة في الدستور الجديد إلي وضع حد للتمرد المتنامي على حكم الرئيس بشار الأسد لكن معارضي الأسد والغرب هونوا من شأن الإصلاحات والاستفتاء.
وقال التلفزيون إن نسبة الإقبال على التصويت في الاستفتاء بلغت 57.4 في المئة.
وعلى الصعيد الميداني قصفت المدفعية السورية مناطق تسيطر عليها المعارضة في مدينة حمص يوم الاثنين. وسقطت قذائف وصواريخ على مناطق يغلب على سكانها السنة في المدينة التي تقصفها القوات السورية منذ أسابيع فيما يحاول الأسد إخماد انتفاضة مستمرة منذ قرابة عام ضد حكمه المستمر منذ 11 سنة.
وقال الناشط المعارض محمد الحمصي لرويترز متحدثا من حمص إن القصف العنيف بدأ على أحياء الخالدية وعشيرة والبياضة وبابا عمرو والمدينة القديمة فجرا. وأضاف أن الجيش يطلق النيران من الطرق الرئيسية على الأزقة والشوارع الجانبية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن فيما بعد إن سبعة على الأقل قتلوا في قصف بابا عمرو وأضاف أن ثلاثة نشطاء معارضين للأسد لاقوا حتفهم في مناطق أخرى من سوريا. وكرر مراقبون بينهم مراقبو الصليب الأحمر روايات نشطاء المعارضة.
وقال شهود إن نشطاء تجمعوا في منطقة كفر سوسة بدمشق التي يوجد بها عدد من مقار الأجهزة الأمنية لتشييع جنازة ثلاثة شبان قتلوا في احتجاج يوم الأحد.
وردد المشيعون هتاف "الله سوريا وحرية وبس" بدلا من الهتاف الرسمي "الله وسوريا وبشار وبس."
وقتل 59 مدنيا وجنديا سوريا على الأقل يوم الأحد في أعمال عنف تزامنت مع التصويت على الدستور الجديد الذي يقدم بعض الإصلاحات لكنه يمكن أن يبقي الأسد في الحكم حتى عام 2028 .
وفشلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في التوصل إلى وقف يومي لإطلاق النار يسمح بإجلاء الجرحى وتوصيل المساعدات التي يحتاجها السكان بشدة. وقالت اللجنة إن الأوضاع في مناطق من حمص تسوء كل ساعة.
وقال هشام حسن المتحدث باسم الصليب الأحمر في جنيف "ما زلنا نتفاوض. كل ساعة وكل يوم يحدث فرقا."
وتجري اللجنة محادثات مع السلطات السورية وقوات المعارضة منذ أيام لتأمين الدخول للأحياء المحاصرة مثل بابا عمرو حيث قال نشطاء محليون إن مئات المصابين يحتاجون العلاج وان آلاف المدنيين يواجهون نقصا في المياه والأغذية والمؤن الطبية.
ولا يزال أربعة صحفيين أجانب محاصرين في بابا عمرو بينهم اثنان مصابين. وقتلت الصحفية الأمريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي اوشليك في 22 فبراير شباط.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه يتعشم أن يتسنى إنقاذ الصحفيين المحاصرين قريبا. وقال لراديو (ار.تي.ال) "الوضع متوتر جدا لكن الأمور بدأت تتحرك فيما يبدو."
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن اللجنة ومتطوعي الهلال الأحمر العربي السوري وزعوا مساعدات في حماة يوم الاثنين وهي مدينة اخرى تتعرض لهجمات الجيش وذلك للمرة الأولى منذ ستة أسابيع.
ووجه رئيس وزراء روسيا فلاديمير بوتين تحذيرا قويا للغرب من التدخل العسكري في سوريا حليفة موسكو منذ فترة طويلة ولكن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أوضحت انه لا يوجد حماس في واشنطن لخوض حرب. واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار ضد سوريا في مجلس الأمن الدولي.
وظهرت علامات على تصعيد حدة التصريحات في المواجهة الدولية بشأن سوريا. وكانت كلينتون قد وصفت الفيتو الصيني والروسي الأسبوع الماضي بأنه جدير بالازدراء مما دفع وزارة الخارجية الصينية إلى القول إن هذه اللغة "غير مقبولة تماما".
واتهمت صحيفة صينية في إشارة إلى الفوضى التي سادت العراق بعد الاحتلال الأمريكي واشنطن "بالغطرسة المتناهية التي تتسم بالأنانية."
وقال ساركوزي إن القوى الغربية تتعشم أن تتمكن الدبلوماسية من تغيير وجهات النظر. وأضاف "نمارس ضغطا على الروس أولا والصينيين بعدهم حتى يرفعوا الفيتو.
"لا يمكن أن يستمر (الأسد) في قتل شعبه. الحكومة السورية القادمة ليست من شأننا لكن لا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو."
وأقر الاتحاد الأوروبي جولة جديدة من العقوبات الاقتصادية يوم الاثنين تستهدف البنك المركزي السوري وبعض الوزارات وتشمل أيضا حظرا على تجارة الذهب والمعادن النفيسة الأخرى مع مؤسسات الدولة وحظر شحن البضائع من سوريا.
وتقول الحكومة السورية المدعومة من إيران إنها تقاتل "جماعات إرهابية مسلحة" مدعومة من الخارج.
ودافعت إيران عن سوريا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اليوم الاثنين واعترضت على اقتراح من قطر لكي يجري المجلس مناقشة عاجلة عن الوضع في سوريا. كما شككت روسيا أيضا في الحاجة إلى مناقشة من هذا النوع.
وعلى الرغم من رفض الغرب الحديث عن قيام حلف شمال الأطلسي بدور لدعم معارضي الأسد على النمط الليبي دعت دول الخليج العربية إلى اتخاذ موقف أقوى. وقالت السعودية يوم الجمعة إنها ستؤيد فكرة تسليح المعارضة وهو اقتراح من المرجح أن يثير قلق موسكو.
وقال بوتين "أتمنى ألا تحاول الولايات المتحدة والدول الأخرى... أن تنفذ سيناريو عسكريا في سوريا دون موافقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة."
لكن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر قال إن الوقت قد حان لتقديم الأسلحة للسوريين.
وأضاف "حيث أننا فشلنا في عمل شيء في مجلس الأمن أعتقد أن علينا محاولة عمل شيء ما لإرسال مساعدة عسكرية كافية لوقف القتل... أعتقد أن علينا عمل ما يلزم لمساعدتهم (المعارضة) بما في ذلك تسليحهم للدفاع عن أنفسهم."
وحذرت وزيرة الخارجية الأمريكية يوم الأحد من مخاطر أي تدخل خارجي.
وقالت كلينتون في حديث لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "أعتقد أن هناك احتمالا لنشوب حرب أهلية. التدخل الخارجي لن يمنع ذلك. سيعجل به على الأرجح."
وألغى الدستور الجديد مادة تقصر على حزب البعث الحاكم قيادة الدولة والمجتمع ويسمح بالتعددية السياسية ويقصر الفترات الرئاسية على فترتين مدة كل منها سبع سنوات. وستجري انتخابات برلمانية خلال ثلاثة اشهر.
ولكن هذا القيد على فترات الرئاسة لن يطبق بأثر رجعي مما يعني أن الأسد (46 عاما) الذي يتولى السلطة منذ 11 سنة بالفعل يمكن أن يتولى فترتين أخريين بعد انتهاء ولايته الرئاسية الحالية في 2014 .
وترفض المعارضة الإصلاحات المقترحة قائلة إن الأسد ووالده الذي حكم 30 عاما من قبله تظاهرا دوما بالقبول بالالتزامات القانونية دون فعل.
ووصف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاستفتاء بأنه "خطوة مهمة على طريق الإصلاحات" وانتقد اجتماع (أصدقاء سوريا) في تونس يوم الجمعة حيث التقت قوى غربية وعربية بزعماء للمعارضة السورية بوصفه "أحادي الجانب".
وقال إن على جميع الأطراف وقف العنف وأضاف "إذا كان مطلوبا من الحكومة وقف العمليات لقتال المسلحين دون أن يكون على المسلحين مسؤولية فهذا غير واقعي."
ويحاول معارضو الأسد جهدهم من اجل توحيد صفوفهم منذ بدء الانتفاضة في مارس /آذار. وانشق 20 شخصا على الأقل من الأعضاء العلمانيين والإسلاميين عن المجلس الوطني السوري لتشكيل مجموعة العمل الوطني السوري.