سجلت الفترة التي عمل فيها مساعد قائد الحرس الملكي الراحل، الفريق عبيد بن غثيث العنزي، بالقرب من الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- الكثير من الأحداث والمواقف.

وسرد "العنزي" في تصريحات سابقة لـصحيفتي "الاقتصادية" و"اليوم"، أبرز ذكرياته عن الفترة التي عمل فيها حارسا شخصيا للملك عبدالله، ومن أهم هذه المواقف...

زيارة مفاجئة

قال "العنزي" إن الملك عبدالله فاجأهم في إحدى المرات عندما قرر الذهاب بنفسه مباشرة لزيارة أحياء وسط الرياض، وذهب بالفعل دون أن يرافقه رجال الأمن حتى يتمكن من لقاء المواطنين والحديث معهم بشكل مباشر، لافتا إلى أن الملك انزعج عندما وجد أن بعض الأهالي يعيشون في مستوى متدنٍ، وأمر حينها بتشكيل لجان لتفقد أحوال الأهالي في مختلف المناطق، ومساعدة المحتاجين منهم.

المُسن والأغنام

روى "العنزي" قصة الرجل المُسن الذي سُرقت أغنامه، موضحا أنه أثناء عودته مع الملك عبدالله من جدة، شاهد الملك رجلاً عجوزاً ومعه ورقة، فطلب الملك العودة بالسيارة لتفقد أحوال هذا الرجل، وبالفعل تحركت السيارة نحوه، وذكر المُسن أن أغنامه سُرقت، فرد الملك عليه وقال: "أبشر بالخير"، ثم وجّه الملك بصرف مبلغ مالي كبير للرجل، بل وطلب من "العنزي" أن يقوم بتوصيل المُسن إلى منزله بجنوب جدة، لكن الأخير لم يتذكر موقع منزله بالضبط، واستغرقت رحلة إعادته لمنزله من الظهر إلى أوقات متأخرة من الليل.


جولات في الخفاء

أكد "العنزي" أن الملك الراحل كان يذهب في الخفاء لتفقد أوضاع بعض الأسر في جدة والرياض، التي يسمع عنها أنهم من العائلات المحتاجة، كما اهتم أيضا بالقبائل المختلفة، ومنهم القبائل النازحة في الشمال، وأمر بإصدار بطاقات أحوال لهم.


صبر أيوب

كان الملك عبدالله يقول لـ"العنزي" كثيرًا: "أنت الوحيد يا عبيد لقد صبرت عليّ صبر أيوب"، وأكد العنزي أن الملك كان يقول عنه ذلك؛ لأنه كان بالفعل يتجاوب بشكل فوري مع أي طلب يأمر به في أي وقت طيلة فترة خدمته له.

امرأة في الطريق

سرد "العنزي" موقفا آخر حدث أثناء عودة الملك عبدالله من الديوان الملكي إلى قصره، حيث شاهد امرأة تقف في الطريق المؤدي للقصر، ومعها خطاب، فطلب منه أن يوقف السيارة، ويذهب لكي يسألها عن حاجاتها، وبالفعل نفذ "العنزي" ذلك وذهب إليها فأخبرته أنها لا تريد المال، وإنما طفلتها مريضة وتحتاج لجهاز طبي لا يوجد في المملكة، وإنما يوجد في فرنسا.

وأخبر "العنزي" الملك بالأمر، فوجه خادم الحرمين الشريفين بالتواصل مع سفارة المملكة فورًا، وإحضار الجهاز خلال أقل من 24 ساعة، وبالفعل تسلمت المرأة الجهاز، وعالجت ابنتها، وبعد مرور 16 عاما توجهت ابنة المرأة إلى نفس المكان الذي شاهد فيه الملك والدتها، وصادف مرور الملك حينها فيه، فتوجهت الفتاة إلى الملك وشكرته على إنقاذ حياتها، فوجّه -رحمه الله- بصرف مخصص شهري لها.

دموع الملك

شهد "العنزي" موقفًا إنسانيًا للملك عبدالله، وكان ذلك عندما حضر بعض الرجال من أصحاب الدم إلى قصره، وطلب الملك من والد المقتول أن يعفو عن قاتل نجله، ووافق الأخير على ذلك، فسقط والد القاتل مغشيًا عليه، الأمر الذي جعل دمعة تنزل من عين الملك تأثرًا بهذا الموقف.

وأكد الحارس الشخصي الراحل أن هذا لم يكن الموقف الوحيد الذي يدمع فيه الملك، حيث سبق أن حدث ذلك عندما شاهد ابنة أحد شهداء الواجب في القصيم.

سقف المكتب البيضاوي

شهد المؤتمر الصحافي الذي عقده الملك عبدالله والرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في يونيو 2010، خلال لقائهما في واشنطن لقطة وثقها المصورون للعنزي وهو ينظر لسقف المكتب البيضاوي، واختار البيت الأبيض هذه اللقطة ضمن قائمته لأفضل الصور في ذلك العام.


موافقة على مضض

قال "العنزي" إن رحلة عمله مع الملك عبدالله استمرت لنحو 45 عاما، وعندما شعر بالكبر وأنه قد يقصر في واجبات عمله قرر التقاعد، وقدّم بالفعل عدة طلبات بذلك للملك، لكنه -رحمه الله- رفضها جميعًا وتمسك به، مضيفا أن الملك استجاب لطلبه بعد إلحاح وأعطاه موافقته على مضض، مؤكدًا أن تقاعده كان برغبة شخصية منه، نافيا صحة ما أشيع بأن تقاعده كان بسبب خلاف مع رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري.