المشاعر المقدسة هي أماكنُ جغرافية تقع في محيط مكّة المُكرمة وردَ ذكرها صراحةً أو الإشارة إليها في القرآن الكريم، وهي مِنى، وعرفات، ومزدلفة، ويأتي إليها المسلمون الذين يريدون تأدية فريضة الحج.
ويرتبط كل مشعر بعدد من المناسك والأعمال التي يؤمر بها الحجاج، والتي تبدأ في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وفيه يتجه الحجيج إلى منى لقضاء يوم التروية، ثم ينفرون إلى عرفة لقضاء يوم عرفة، ثم يعودون إلى منى مرورا بمزدلفة لقضاء أيام التشريق.
وتضم المشاعر المقدسة مساجد تاريخية لها مكانتها الكبيرة عند المسلمين، والتي يسترجع الحاج من خلالها التاريخ الإسلامي بكل مواقفه عبر زيارتها أو حتى تأدية الصلاة فيها.
ومرت هذه المساجد بعدة تغيرات وترميمات عبر العصور الإسلامية، إلا أنها بلغت ذروتها في عهد المملكة، من خلال زيادة مساحتها لتشمل أكبر قدر من المصلين.
ونرصد في التقرير التالي أبرز مساجد المشاعر المقدسة:
المساجد في منى
مسجد الخيف: في مشعر منى؛ ويسمى مسجد الأنبياء، حيث صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، واكتسب أهمية عندما خطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع عندما كان في منى.
ويعد مسجد الخيف من مساجد مكة المكرمة الأثرية، ويقع على مقربة من "الجمرة الصغرى"، على يمين الذاهب إلى عرفات، ومرت عمارته بعدة مراحل، وتُعد توسعة المملكة للمسجد الأكبر في تاريخه، إذ بلغت أكثر من 45 ألف م2، خلاف المساحات المهيأة للمصلين حول المسجد.
مسجد البيعة: ويطلق عليه مسجد العقبة، وهو مسجد بناه أبو جعفر المنصور سنة 144هـ في المكان الذي اجتمع فيه النبي محمد مع الأنصار حيث بايعوه بيعة العقبة، وذلك تخليداً لهذه البيعة.
ويتكون المسجد من ساحة مكشوفة تتقدمها مظلة، ويقع أسفل وادي منى، على بعد 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر.
ويطل مسجد البيعة على منى من الناحية الشمالية في السفح الجنوبي لجبل "ثبير" المطل على شعب المعروفة باسم "شعب الأنصار" أو "شعب البيعة"، والمسجد عبارة عن مصلى بلا سقف، يحوي محرابًا وملحقًا معه فناء أكبر من مساحته.
المساجد في عرفات
مسجد نمرة: يعرف بعدة أسماء وهي: مسجد إبراهيم الخليل، ومسجد عرفة، ومسجد عرنة، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد في وادي عرنة وهو وادٍ من أودية مكة المكرمة الذي نهى عليه الصلاة والسلام عن الوقوف فيه.
وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وذلك في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري.
ويؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة، فيما شهد المسجد أضخم توسعاته، لتصل مساحته إلى 18 ألف م2 ليصبح بذلك ثاني أكبر مسجد بمنطقة مكة المكرمة من ناحية المساحة بعد المسجد الحرام، حيث يستقبل أفواج الحجيج في فترة مبكرة تسبق موعد الوقوف في مشعر عرفات.
مسجد الصخرات: أحد مساجد مكة المكرمة، ويقع المسجد في عرفات أسفل جبل الرحمة في الناحية الجنوبية الشرقية، على يمين الصاعد إليه، ويحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار، وقد وقف عندها النبي عليه الصلاة والسلام في عرفة في حجة الوداع وهو على ناقته القصواء، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر في موضع مسجد نمرة ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص.
المساجد في مزدلفة
مسجد المشعر الحرام: أحد مساجد مكة المكرمة، ويقع في منتصف المسافة الواقعة بين مسجد نمرة في عرفات ومسجد الخيف في منى، لكون مزدلفة واقعة بين عرفات في شرقها ومنى في غربها، وهو المسجد الذي نزل النبي عند قبلته في حجة الوداع.
كان المسجد في بداية القرن الثالث الهجري مربع الشكل صغير المساحة بسيط البناء، ولم يكن مسقوفا، وكانت مداخله 6 أبواب، وذكر المؤرخ الأزرقي في كتابه أخبار مكة: مسجد المشعر الحرام فضاء يحيط به سور مربع الشكل ولا يوجد بداخل المسجد مظلات، وفيه 6 أبواب، باب في القبلة، وبابان في الجدر الأيمن، وبابان في الجدار الأيسر، وباب في مؤخرة المسجد، وعلى الجدران من الشرق 57 شرفة.
ومع مرور الزمن تهدم المسجد ولم يبق منه سوى جدار في غرب موضعه يشير إلى القبلة، وتمت عمارة المسجد وتوسعته في العهد السعودي عام 1395هـ على الشكل المستطيل، بتكلفة 5 ملايين ريال، وبلغت مساحته أكثر من 5 آلاف متر مربع، بطاقة استيعابية تتسع 12 ألف مصلٍّ، ويبلغ طول المسجد 90 مترا من الشرق إلى الغرب، وعرضه 56 متراً من الشمال إلى الجنوب، وفي مؤخرته منارتان بارتفاع 32 متراً، وله 3 مداخل في كل من الجهة الشرقية والشمالية والجنوبية.