يؤدي الرئيس الإيراني الجديد، المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى الخميس، في بداية ولاية من أربعة أعوام سيكون خلالها أمام تحديات تحسين وضع الاقتصاد الخاضع لعقوبات أميركية والمتأثر بتبعات الأزمة الصحية.

وسيكون الرئيس السابق للسلطة القضائية البالغ 60 عاما، أمام ملفات خارجية شائكة في مطلع ولايته، أبرزها التوترات مع الغرب ومفاوضات إحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي الذي انسحبت واشنطن أحاديا منه قبل ثلاثة أعوام.

فاز رئيسي في انتخابات حزيران/يونيو، ويخلف المعتدل حسن روحاني الذي طبعت عهده (2013-2021) سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز ثمارها ابرام الاتفاق النووي العام 2015 في فيينا، ما أتاح رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة على طهران، قبل أن تعيد الولايات المتحدة فرض العديد منها بعد انسحابها من الاتفاق عام 2018.

ويؤدي رئيسي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) في مراسم من المقرر أن تبدأ عند الخامسة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (12,30 ت غ).

وأفاد التلفزيون الرسمي أن السلطات المحلية ستتخذ إجراءات أمنية على هامش المراسم، تشمل تقييدا موقتا لحركة المرور في بعض شوارع العاصمة، ووقف حركة الملاحة الجوية لنحو ساعتين ونصف الساعة في طهران ومحافظات مجاورة.

وترجح وسائل الإعلام المحلية أن يطرح الرئيس على المجلس الذي يهيمن عليه المحافظون في اليوم نفسه أسماء مرشحيه للمناصب الحكومية لدراسة منحهم الثقة، من دون أن ينتظر مهلة الأسبوعين التي تتيحها له القوانين.

وأشار الإعلام الرسمي الإيراني الى وصول الرئيسين العراقي برهم صالح والأفغاني أشرف غني الى طهران لحضور أداء اليمين، إضافة الى مسؤولين آخرين منهم رئيسا برلماني روسيا وسوريا.

كذلك، حضر الى طهران الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا الذي يتولى مهمة التسهيل في المفاوضات النووية في فيينا. وهو التقى الأربعاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ويتوقع أن يمثل الاتحاد القاري خلال أداء اليمين.

وفي خطاب بعد تنصيبه الثلاثاء من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ركز رئيسي على أولوية الوضع الاقتصادي.

وقال "نسعى بالطبع الى رفع الحظر الجائر، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب"، مضيفا "لا نرى أن الوضع الاقتصادي للشعب ملائم، بسبب عدائية الأعداء وأيضا بسبب المشكلات والثغرات في داخل البلاد".

دخلت إيران في أزمة اقتصادية ومعيشية حادة مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 سحب بلاده أحاديا من الاتفاق النووي المبرم بين إيران وست قوى كبرى، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدها حيالها.

ويتولى رئيسي منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع واشنطن بموجبها عقوبات في مقابل عودة إيران لالتزام تعهدات نووية تراجعت عنها بعد الانسحاب.

كذلك، يأتي العهد الرئاسي الجديد في ظل توتر متجدد على خلفية توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل اتهامات لإيران باستهداف ناقلة نفط يشغّلها رجل أعمال إسرائيلي في بحر العرب الأسبوع الماضي، وهو ما نفته طهران بشدة.

بدأ رئيسي نشاطه في مقر الرئاسة اعتبارا من الأربعاء، فترأس اجتماعا لمسؤولين معنيين بمكافحة كوفيد-19، إضافة الى اجتماع لوزراء في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، وفق ما أفاد الموقع الالكتروني للرئاسة.

وتصدرت صورته رئيسي خلال حفل التنصيب الى جانب خامنئي، الصفحات الأولى للصحف الإيرانية الصادرة الأربعاء، ترافقها تحليلات عن مهماته الجديدة.

ورأت صحيفة "كيهان" المحسوبة على المحافظين المتشددين، أن رئيسي سيكون خلال ولايته على رأس السلطة التنفيذية، أمام "تحديات عدة بسبب العدد المرتفع من المشكلات" التي تواجهها البلاد، ومنها "نسبة تضخم غير مسبوقة"، "الأسعار الخيالية للسكن"، و"الفساد".

من جهتها، أبدت صحيفة "شرق" الإصلاحية أملها في ان "تترك الألاعيب السياسية (الداخلية) مكانها الى تنافسات ثقافية سليمة"، وأن يتم في الحكومة الجديدة الاستماع الى "أصوات متنوعة".

ويتوقع أن يؤدي تولي رئيسي للرئاسة الى تعزيز إمساك التيار المحافظ بهيئات الحكم في الجمهورية الإسلامية، بعد الفوز العريض الذي حققه في الانتخابات التشريعية التي أجريت في شباط/فبراير 2020، وشهدت استبعاد آلاف المرشحين من المعتدلين والإصلاحيين.

ونال رئيسي نحو 62 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي بعد استبعاد ترشيحات شخصيات بارزة، وشهدت نسبة مشاركة (48,8 بالمئة) هي الأدنى في استحقاق رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

وحضت صحيفة "جوان" المحافظة الحكومة المقبلة على "وضع مشاريع محددة موضع التنفيذ من أجل حل المشكلات الطارئة وذات الأولوية" وطي صفحة "جزء كبير من مشاغل الشعب في الوقت الراهن"، خصوصا في مجالات المياه والكهرباء والتلقيح المضاد لفيروس كورونا.

شهدت مناطق في جنوب غرب إيران احتجاجات الشهر الماضي على خلفية شح المياه، بينما سجلت انقطاعات للكهرباء في مدن كبرى منذ أسابيع.

وتعد إيران أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بجائحة كوفيد-19، وسجلت رسميا أكثر من 92 ألف وفاة من أصل أكثر من أربعة ملايين إصابة، بينما تمضي حملة التلقيح دون السرعة المأمولة.